لك الله مساجد الله - هلال الفارع

مَسَاجِـدَ اللهِ.. نوحـي فـي بَوادينَـا
واسْتَمْطِري مِنْ هَوانٍ صَدْحَ.. آمينـا

وَأَذِّنِـي فـي مَـواتٍ ليـسَ يوقِظُـهُ
صَوْتُ الأَذانِ، ولا صَمْـتُ المُصَلِّينـا

والصَّمتُ مَوْتٌ، لذي مَجْدٍ، وذي شَرَفٍ
وَحُرمَـةٌ، مَـنْ أَتاهـا لا يُواليـنـا

تَهْفـو إليـكِ قُلُـوبٌ رَجَّهـا وَلَـهٌ
لِلَحظَةٍ مِـنْ عَزيـزِ البَـأْسِ يَأْتينـا

لا خالِدٌ، لا صـلاحٌ، لا أخـو شَـرَفٍ
يَهُـزُّ شامِخَـةَ الرايـاتِ يُشفيـنـا

كَأَنَّما عَقُمَـتْ فَـوقَ الثَّـرى جُثَـثٌ
مَبْتورَةُ النَّبْـضِ، لا دُنيـا ولا دينـا

صَبَتْ إليكِ كِـلابُ الغاصبيـنَ فمـا
يَرُدُّهـا عنـكِ سَيْـفٌ قائِـمٌ فيـنـا

ولا يَـهُـبُّ لِبَـيْـتِ اللهِ مُمْتَـشِـقٌ
رُجُولَـةً، خَبَـرَتْ فيهـا المياديـنـا

يا وَيْلَتـاهُ لِعِـرْضٍ بـاتَ مُفْتَرَشًـا
نُـؤْوي إليـهِ نَجـاسـاتٍ بِأَيْديـنـا

وَيُسْتَباحُ، ونحـنُ الواقفـونَ علـى
أَنَّـاتِـهِ، وَبِِأَيْديـنـا مواضِـيـنـا

بِئسَـتْ صَنائِعُنـا، واللهِ لـو نَطَقََـتْ
لَكَشَّفَـتْ عُرْيَنـا.. نحـنُ الميامينـا

إنْ نَمْشِ نَعْثَرْ، وإنْ نَصْمُتْ نَقُلْ سَفَهًا
والحُمْقُ أفْخَرُ مَعنًـى فـي مَعانينـا

ثاراتُنـا؟ أَيُّ أُسْـدِ فـي سَواعِدِنـا
علـى ذَوي رَحِـمٍ، أو فـي نوادينـا

وبَأْسُنـا بينَـنـا هَــوْلٌ وَنائِـبَـةٌ
تَـدورُ مِنَّـا علينـا، ليـسَ تُخْطينـا

فـإِنْ أَنـاخَ العِـدا فينـا مَهابَتَهُـم
ذابَـتْ فَرائِصُنـا، واعتَـلَّ حَامِيـنـا

حمائِمُ الأُفْقِ في ضَعْفٍ، وفي تَـرَفٍ
والأُفْـقُ تَّزْحَمُـهُ الدُّنيـا شَواهينـا

تَوَحَّـدَ الشَّـرُّ والأشْـرارُ وانْطَفَـأَتْ
فينـا الْحَمِيَّـةُ، فاسْـوَدَّتْ لياليـنـا

نَشُقُّ عنّا جيوبَ المجْدِ فـي هَـوَسٍ
حينًا، ونَرْفُلُ في ثَـوْبِ الخَنـا حينـا

نغفو على عِلَّةٍٍ فـي الـروحِ قاتِلَـةٍ
ولا نُفيـقُ عَلـى عِــزٍّ يُواسيـنـا

أهــذهِ أُمَّــةٌ كـانـتْ مآثِـرُهـا
تَضوعُ في الأرضِ رَيْحانًا وَنِسرينـا؟

أهـذه أُمَّـةٌ طــارتْ عَزائِمُـهـا
خيـلاً، تُرَتِّـبُ للزَّهْـوِ العَناويـنـا

وَتُمْطِرُ الأُفْقَ وَشْيًـا مِـنْ سنابِكِهـا
وَتُبْطِرُ الشَّوقَ مِـنْ أبْهـى أمانينـا؟

ما لي أراها مَسِيخًا سَفَّ، واضطَرَبَتْ
أركانُهـا، فهَـوَتْ خِزْيًـا يُغَشِّيـنـا

شاهَتْ بَصيرَتُها، تاهَـتْ قََصِيرَتُهـا
عاهَـتْ نَصيرَتُـهـا ذُلاًّ وتَخويـنـا

تَكـادُ تُطْلِقُـنـا صُبْـحًـا يُجَلِّـلُـهُ
عـارٌ، وَتُغْرِقُنـا هَـمًّـا يُمَسِّيـنـا

مساجِـدَ اللهِ.. لا عُـذْرٌ لنـا فلقـد
أدْمَـتْ مَنابِـرُكِ الثَّكلـى مآقيـنـا

وَحَرَّكَتْ هِمَمَ الأحْجـارِ مِـنْ زَمَـنٍ
وَلَمْ تُحَـرِّكْ لديْنـا بَعْـضَ ماضينـا

يا ربِّ.. لُطْفَـكَ، لا تَفْجـعْ حَرائِرَنـا
يومًا بِعِرْضٍ، ولا تُخْفِـضْ نَواصينـا

ولا تَكِلْنا- إِذا مـا شِئْـتَ نَكْبَتَنـا -
إلـى عَـدُوٍّ، وَجَنِّبْنـا السَّلاطيـنـا

سَليطَـةٌ بَعـضُ كِلْماتـي، ويائِسَـةٌ
القَهرُ يقلِبُ فـي الشِّعـرِ المَوازينـا