إلى أين تمضي؟ - هلال الفارع

الفقيدمحمد يوسف ذاكرة في ذاكرة، وقافية في مخاض، وضجيج في وريد، وهدوء في شكل أحجية،محمد يوسف حلم في شكل حياة، وكابوس في مثل زفة القبور!! فإليك يا محمدإليك أيها المستعجل الموت، هذا العتاب:
***
أمامَك وجهُ الخلاءِ، وخلفَك صوتُ الهديلْ
ومن حولك المستحيلُ يدوِّنُ في صفحةِ الأفْقِ سِفْرَ العويلْ
ومن فوقك الساهراتُ عليكَ ينافِحْنَ عن موعِدٍ مستحيلْ
لماذا إذًا لم تغادرْ إلى جِهَةٍ غير تلك التي لا تُؤدّي؟
ولم تستمعْ للصدى والندى والصهيلْ؟
أكنتَ توقعتَ أنْ تلتقي الموتَ وجهًا لوجهٍ،
فيهربَ منكَ،
وتمضي إلى آخِرِ الشوطِ في صدرِ ذاتِ السبيلْ؟
كأنَّكَ لم تَخْبُرِ الموتَ!!!
كيفَ وأنتَ الذي مُتَّ أكثَرَ منكَ أمامي،
وكنتَ تقولُ : إذا لم يمتْ شاعرٌ بالسكونِ،
فذلكَ يعني وفاةَ السكوتِ، وموتَ الدليلْ؟!
إلى أينَ تمضي؟
حِصانُكَ هذا الذي لا يَمَلُّ المقابرَ أعمى، وأنت القتيلْ
ووجهُكَ يذكُرُ جدًّا مراياهُ،
هل مِنْ فراغٍ على الأرضِ لم تحتضرْ فيه مثل المرايا؟
وهل منْ غدٍ لم تجد فيهِ وجهَكَ؟
هل من يدٍ لم تُقَبِّلْ شفاهَكَ قبل الرّحيلْ؟
لماذا رحلتَ إذًا بعد كلِّ الذي كانَ،
أم كنتَ تدري بما في المدى من أنينِ النّخيلْ؟
ترجَّلْ قليلاً منَ الموتِ،
لا تستمعْ للذينَ استمعتَ إليهم، ولم ينصفوكَ من الموتِ،
غادرْ إلى كوَّةٍ في الصراخِ،
وإياكَ أن ترتضي بالنداء الأخيرِ،
تباطأْ.. تباطأْ، لعلّك لا تلتقي الموتَ وجهًا لوجهٍ،
فألقاكَ في " الأفْقِ " ترسمُ خارطةً للصباحِ،
وتكتبُ قافيةً للأصيلْ!!!
_____________
الثلاثاء 27 ديسمبر 2005