عراق - يوسف الديك

هو البحرُ ..
فاصلة اليباس العنيد
ونقطة بدء الخليقة
سحرُ السماء .. ولونُ النشيدْ
هو البحرُ
آخر ما قد نسينا من الصلوات
وغصّة نايٍ بلحنٍ حزينٍ ..
حين يموت الرعاةْ
هو البحرُ
شرياننا الأبدي
شاطئه الوريد ْ
هو السرمديّ ...
القصيّ .. العصيّ
المطيع .. البليد ْ
أمواجه الذكريات
زاخرٌ بالعباب
حلوٌ .. ومرٌ .. إذا ما أراد
وملحٌ .. وجرحٌ ... إذا لا يريد ْ
هو البحرُ
بيت الأحبّةِ دفئاً
وبيت الحنين .. وبيت القصيد ْ
ألا أيّها العائدون من البحر
كيف تركتم حبيبي البعيد ؟
وكيف الصلاة على الأنبياء تجزي
وعشتار تبكي ببغداد .. قبر الرشيد ؟
ألا من رأى وطناً .. كالعراق
وحيد ؟
حرّره الأعداء من التاريخ
ليسرقه الأدعياء .. والأصدقاء
وأبناؤه الأوفياء
كما يسرق الخطباء في المهرجان
عرسَ الشهيد !
ألا من رأى وطناً كالعراق ..
تحوّل ذكرى .. بلا ذكريات
دموع الثكالى ..
جنائز تمضي بلا صلوات ،
فقيدٌ يكابر حين يمدّ يديه ليسند
ضلع فقيد ..!!
ألا من رأى بابلاً ؟
تفتح ابواب جنائنها
وتعلّق رغبة نهديها
في البيت الأبيض !!؟
وُسمت باللون الأحمرِ
فوق بياض الردفين
" صنعت في أمريكا "
فتحت في عهد السيد
ذو العينين الناعستين .
ختمٌ آخر في أعلى الكتب الأيسر
بالحرف الكوفيّ الأخضر
" نصادق نحن ، المجتمعين هنا
.. أنَّ المدعوة بابل ..
تعمل راقصةً متطوعة
في ملهى البنتاغون "
واستدراكاً للحرية ..
نظراً لضرورات الأمن النوّوية
وفقاً للمرسوم السافل
من قانون العهر الدوليّ
تؤجّر بابل مبعوثة ترفيه عصريّ
لحكومة " شارون " .
تنويه :
لم تكمل هذه النَّمرة تلك السهرة نُمْرَتها ..
بابل متعبة سقطت تهذي
.. بجنائن فضيّة
تنثر اطراف ضفائرها ..
تُسند ساقيها لعصى موسى ،
أفعى تسعى
ولها فيها مآرب أخرى .
ترتعد فرائصه ...إذ يهتزّ به الكرسيّ
فسرّ لي :
ما جلجامش ؟
ماذا تعني سومر ؟
من ذاك يكون المتنبّي ؟
تسقطُ .. تنهضُ .. تضحكُ .. تبكي
سوف يعود نبوخذ نصّر ...!!
هل اسمه مكتوب رمزاً
بملفات : ال " C I A "
إرهابيٌّ هذا نبوخذ نصّر ؟
فانسحبوا يا أولاد الصدفةِ
ثمة في الأمر قضايا أخطر
فليس تموت العنقاء ..
وليس يموت البحر ..
وليس يموت عراقٌ ، فيه المتنبّي
ونبوخذنصّرْ ..!! .