براكين الشوق - يوسف الديك

يحملني الشوق إلى عينيك ..
وبحر الصمت .
تفزعني ...بين الأمواج الذكرى ..والهمسات .
...
أتفقّد ذاكرتي .
.أقرأ ما خبأتِ بها من سحرٍ ، صورٍ ..
ودموعٍ تسبقها الصرخات .
...
يا غائبةً منذ أدارت بين أصابعها قبضة تمّوز
رحى الحزن ..
وتمتمة الطيرعلى غصنٍ يتكسّر في ريح الأنّات .
...
عودي ..فهذا غيابك ...لا يوجعني / لكن ...
يقتل بي إحساسي بالوقت وبالوجع ..وبالأشياء
يدخلني في عبثِ ..مللٍ ..نمط مبتذلٍ ..وسوادِ العمر .
ولاجدوى اللحظات .
...
حين تعودين سأطفيء ذاكرتي ..وأضيء شموع القلب ..
وأصرخ ملتحفاً تعبي ، معتذراً عن كلّ الأحلام .
...
هناك ....على شرفات النافذة ..طويلاً كنتُ جلستْ
هنا ..في أرجاء الغرفة ..وحدي ..أطفات سراجي ، وبكيتْ .
على صوت هديل حمامٍ سوف يجيء بعينيك ...على ذكرى عينيك غفوتْ .
ورسمتُ على الأرصفة الحبلى بخطى من مرّ من العشّاق الخجلِين ...
ذبالة قنديلٍ صمد بوجه الريح طويلاً .. حتى نضب الصبر ..ونفد الزيتْ .
...
استمعي .. هذا القلب " بصدري "
ذئبٌ يعوي في وحشةِ صحراءٍ خارج خارطة الكونْ .
...
أنين الشوق صخورٌ تتكسّر فوق ضلوعي ...
تنفجر براكينٌ لو عرفتها الأرض تبدّلَ أخضرُها ..
وتكشّفَ للعالم سرّ اللونْ . .
...
يا بنت السحب ..الغارقة وراء ضباب الكلمات ...
وتمتمة الغجر التعبين بفوضى الرقص
وبحّات زغاريدٍ ليالي العرس ..المتكرّر
لا يعنيهم في العرس سوى آنية الخمر ..وحجم الدفّ ..
ومناديلاً تتبادلها خصور الغنج ..
وأردافاً تكشف للحدّ المسموح من اللحم
بعرف الشيخ ومختار الحيّ
الغارق بين نساء لا يعرف عنهنّ
سوى ما نعرف عن قاتلنا المختبئ بازرار القمصان وشرشفنا الورديّ ..وقهوتنا المرّة .
...
سنسلسل قصّتنا للأجيال القادمة :
فمنذ انهزمت فرس الماء ، بكيت على رمل الشطآن ، أمام القرش رجوتك لا
تنهزمي بوهم العيش المشترك فللقرد طقوس بين الأغصان ، وبعض
الأعشاب البريّة تشبه عن بعد ثلاثة أقمارٍ زهر الرمّان ، وأمي ..ماتت من
عبء الشوق ، وكمَد التحنان .....وبعض الشهداء يعودون على خطوات الليل
..وينسكبون مع الفجر بصوت واحد : ..
ـ لم نذهب للحرب لكي يتقاسم دمنا المسكونون بضيق الذات ..
ولكن متنا كي تحيا الأوطانْ ..!!
...
سنشيّد حول القلب ليبقى في ظلّ جدار ،
وسنبني ما ينقص من حجراتٍ للحبّ ....ونغلق باب الدار .
زمّار الحيّ حزينٌ لا يُطرب أحداً ...كغريبٍ في الحيّ بكى ...
فانهمر اللحن على الخدّين ليغسل دمع الزمّار .
...
يا بنت أصيخي للنبض قليلاً ..
تكتشفين حقيقة كم أتنفسّ زنبقة في خدّيك
وأهرب من كل الناس ومني إليك ...واختزل فنون الموت المُبْكِرِ
يا دهشة روحي ..ماذا تبّقّى منّي ....سواكِ
ومن عمرى التافه غير هديلك ..حين أراكِ
حياتي زاخرة بالموت
وموتي /حياتي في عينيكِ ..وقرب خطاكِ
ما أوسع ثقب جراب الأيام بخاصرتي
ما أضيقها الأيام ..ونافذتي ...
وما أبعده لقاءُ شقيّ ..بـــ ملاكْ .!!!!!