طاولة - يوسف الديك

غَطِّي عَيْنَيكِ بورق التوت
غطِّيني بين الأهدابِ الناعسةِ برمشِكِ
وانتبهي لسقوطي
فسأسقط حتماً
قاسية أرضٌ ليس يغطّيها السجّاد
وباردة، كخشب التابوت
التمسي عذراً للدمع
إذ يهمي ملحاً، مطراً
يغسل وجَعَ السنوات
يُطَهِّرُ ما ترَكَتهُ الطعنةُ في خاصرةِ الذّكرى
ويعيدُ بهاءَ العشْقِ الرّبانيّ
لعشتاروتْ ..!!
* * *
تخنقني جدران الكرة اللاأرضية
ومساماتُ اللغةِ البيضاءْ
وأغبطُ يونس
أرحب من هذي الكرة الجوفاء بخمسةِ أضعافٍ
"جوفُ الحوت"
صُبيني في رغبة فنجانك
مراً كالقهوة .. رقة شفتيك
وما في خديك من الألقِ المترسب كالصلواتِ الهائمةِ بروحِ الشعر
وطهرِ الملَكوتْ
غطّي عينيك بورقِ التوتْ
عيناك كبحرين من اللؤلؤ
ومن السحر على خدّيك اكتشفَ الإنسانُ الأولُ سر الياقوتْ
لو يعرف.. خوفو...
كم جرحاً فرعونياً أسستِ بصدري..!؟
لو يعرف...
غَطّى برمالِ الصحراء الحارقةِ
بقايا حبشتسوتْ،
غطّي عينيكِ بورقِ التوتْ
وانتظريني/ يوم السبت القادم
قرب السكةِ، خلف البيت
تماماً، قرب السكة، خلف البيت
حيث يمرّ قطارُ السابعةِ صباحاً
يطلق صافرةً... متحشرجةً
يطلقني نحوك كي أحتضن لصدري هذا الجسد الراعف
سحقاً لخيانةِ هذا الزمنِ
سحقاً للحبّ
وأُلقي رأسي على كتفيك كطفلٍ
حملته الموجة في تموز الوجع المتمترسِ في فقراتي
من باريسَ، إلى بيروتْ
عودي في الثامنة تماماً...
غطي طاولةَ الليلِ بشرشفنا الكحليّ
غطّي كُلّ الأسرار، ولا تبكي
فالذكرى، والطاولةُ، وأنتِ، وقردُكِ
سوف تظلُّون جميعاً
وأنا سأموت،
غطِّي عينيكِ بورقِ التوتْ ؟