زمنُ الخيباتِ - يوسف الديك

1-
سنمرُّ على الأزهارِ الباكيةِ صباح الغيمِ
نهدهدُها
ونعطّرُ خدَّ الكلمات بشهد الدمعِ
وقطرِ المعنى
والجرح النازف ..
من نونِ الوطنِ ..وشين الشهداء .
ونغسل هذا الملح الصخريّ
عن الأسمالْ .
سنمرُّ على الأرضِ ،
ونرسم فوق تراب ٍ ألِفَتْهُ الآلياتُ
وجوه الأحبابِ / الصَّحبِ / الأطفالْ .
سيعرفُنا شجرُ الزيتون النازف ...
قد يبكي فرحاً / أو حزناً ، لا ندري ..
لكنّ الدمع يفجّر فينا ألفَ سؤالْ ..!!
يا هذا الزمن الغارق في وحلِ بذاءَتِهِ ،
من أين تجيء بكلِّ مفازاتِ الموتِ ...
وكلّ جهات القهر جنوباً ..وجنوناً ..وشمالْ ؟
يا زهرَ الرمّانِ الموصوف علاجاً لقلوبِ العشّاق الخجِلين
أرحنا يا زهر ...
فقد هرِمت أغنيةُ الحبِّ..
وشاخ على الصمتِ ... الموّال...!!
يا سين التسويف الحبلى
بمرارات المحذوفين من الجملةِ / بالجُملة ِ
من سيعيد كتابتهم ...؟؟
من يحييهم كي تستكمل فيهم باقي الأيام رجولتها ..
أو يقتلهم ...كي يرتاحوا...
من زمن " الشرفاء " الأنذال .
يا هذا الموت ..تعال ...
بالله عليك ..نمدّ بأيدينا إليك .. تعال
اترك من جاؤوا لحياة تلزمهم .. ويحبّون العيش .
وزرنا ...
نحن هوامش نصٍ أتفه من أن يُقرأ ..
.يطردنا النحوُ على نحوٍ يتواءم مع زعماءٍ
ألقتهُم كتبُ المجد الغابر من صفحات التاريخ ..
تقيأهم ...قاموس الشرفاء .. فجاؤوا نشازاً
هل كانوا زكام الأيام ...؟
غبار الأرصفة ...؟
وقد عطستهم هذي الأرض ،
فسكنوا في رئتيْ أمتنا سُعالْ؟
على مهلٍ يا سيّد هذا العصر الوقحِ
اغسلني من هذا العصر ..
بأغنية كالماء البارد ..في روحي تنثالْ .
ودلّك جرحي ..
.بالنغمات على هدأة أوتارك ..
واعزفني بأصابع قهرك لحناً ..
سيعيد شباب الموالْ .
*****
2-
لا أحدٌ يبصرُ أحداً في الليل ..بغزّة
قيل : تراجع فيها الزمنُ النووّي لقنديل الزيتْ
وقيل : عظام الأطفال اصطكت في البرد القارص
لا مدفأة للكاز ....ولا بقيت جدران البيتْ .
وقيل كثيراً ..أنّ التاريخ العربيّ بغزّة غادر كذبتَهُ
ومشى في الشارع منكسراً ..كبقايا مَيْتْ .
يا سيل الغضب الشعبي ...المرتقب ،
أجِرِنا بالغليان ..
تأخرت كثيراً ..
لا بأس ..ولكن ...
متنا ننتظر مفاتيح الفرَج ...
ووعداً ربانياً .. جاء به الفرقان ..
فمتى ...يا ربّ رجوناك ..وناجيناك
اسمع صرختنا ..
كفانا أغثنا ..بالطوفان .؟
تجرّعنا كل مرارات القهرِ
وقلنا ...سوف يجيءُ غداً ..
ها جاء غدٌ .. والوعد تقاطر قتلاً ..وحصاراً ..وهوانْ ..!!
أمّا الحزن فلا تقلق ..
حبِلت أمّه ...في زمن الخيبات الوغدِ
وملأت أركان البيت صغاراً ..
في عينيّ كلّ منهمُ غضبٌ
سيفجّر أكثرَ من بركانْ .!!
**********
26/1/2008