غُربة - إياد عاطف حياتله

لنَا الأصدقاءُ الجميلونَ
أيّامُنا دونهم لا تُعدّْ
بِسيلِ المواويلِ والأغنياتِ
يُحيلونَ جزرَ الحياةِ
لِمَدّْ
نُواجهُ بردَ المنافي سويّاً
ونقرعُ بالشّعرِ بابَ المُحالْ
وندخُلُهُ فاتحينَ
انتصاراتنا لا تُحَدّْ
لنَا توأماتُ النّفوسِ
على أذرُعٍ من حريرٍ يُهدْهِدْنَ أحلامَنا
بطيفِ الدّلالِ الشّهيِّ يُزَرْكِشْنَ أيّامَنا
بِعطرِ الوِصالِ
نُخادعُ بُؤسَ اللّيالي الطِّوالِ
ونُتخمُ ساعاتها بالعناقِ وما لا يُقالْ
ونَختُمُ أصباحَها بالخمولِ
; ورائحةِ القهوةِ المُرسَلهْ
ننامُ وَنصحو على هَمْهماتِ الصّغارِ
ونَحفُنُ صبراً تدلّى مِنَ الأعينِ الآمِلهْ
نُحلّقُ فيها بعيداً
إلى أبّهاتٍ وَمجْدْ
لَنا الجولةُ المُقبِلهْ
مفاتيحُها في يَدينا
ولمْ يبقَ إلا الوُصولْ
لنا ما يٌعيدُ الحياةَ إلى الوردةِ الذّابِلَهْ
لنا الغيمةٌ المُثْقلهْ
تُوزّعُ أمطارها لُؤلُؤاً فوق صدرِ الّسُّهولْ
وتُنعِشُ وردَ الحُقولْ
تُحفّزُ نحلَ البراري
إلى
وجبةٍ من رحيقٍ وشَهْدْ
لَنا أغنياتُ الرّبيعِ
تَفَتُّحُ بُرعُمَةِ العشقِ عند الجداولِ في الأمسياتِ
إلتقاطُ الأحاسيسِ .. في اللّحظةِ المُهمَلهْ
لَنا الأُقحوانُ ..
.. الزّنابِقٌ ..
.. والياسَمينُ ..
.. لَنا السُّنبُلهْ
بِخَيْرٍ يَعُمُّ عَلى المُعدمينَ
ويُبعِدُ عنهمْ رَدى الجّوعِ والمِقصلهْ
ويفتحُ للحالمينَ الدّروبَ
ويصنعُ غدْ
لَنا الأمّهاتُ
يُوَدّعْننا بالدّموعِ وَيحلفنَ ألاّ نُطيلَ الغيابْ
يُلاقيننا بالدّموعِ ويحلفنَ ألاّ نُعيدَ الغيابْ
يُحاوِلْنَ إغرائنا بالمُكوثِ
بِطيبِ الطّعامِ
حِكاياتِ جَدّاتنا الغابراتِ
يُدَفّئنَ بالأُدْعِياتِ لياليَنا البارداتِ
ويَحمينَنا من سُمومِ الحياةِ
يُصّلينَ
حتّى تظلّ الطفولةُ فينا
وألاّ يُغيّرَ طيشُ الشّبابِ الوَلدْ
لَنا الأمّهاتُ
الحبيباتُ
والأصدقاءُ
الحماماتُ
والنّورساتُ
لَنا الذّكرياتُ
لَنا الأغنياتُ
لَنا الفائتاتُ
لَنا الحاضراتُ
لَنا القادماتُ ...
... مَواعيدنا للأبدْ
لَنا اللونُ
والكونُ
في كلّ أرضٍ لنا دارةٌ
أو بَلدْ
لَنا كلُّ شيئٍ
لَنا اللهُ
لمّا يَغيبُ الجميعُ ولا يبقَ
منهمْ أحدْ
لَنا كلّ هذا
..
ولكنّنا وحدَنا
.
.
.
وفي مُقلتينا الدّموعُ
وبين يَديْنا ..
يفيضُ الزّبدْ
*
15/8/2003
غلاسكو