سقوط بغداد - تركي عامر

عبثـًا تراودُنا القصيدةُ مرّةً * ومدافعُ العدوانِ نثرًا تكتبُ التـّاريخَ دونَ هوادةٍ * ويكونُ فـي نيسانَ يا تـمـّوزُ أنْ دخلَ الغزاةُ إلـى الرُّصافةِ * فـي الـمضافةِ شـُوهدَت دبـّابةٌ روميـّةٌ مرتابةٌ * أرخـَت على الدّنيا بأنواعِ الهديلِ هديرَها وغبارَها
يتوسـّطُ "الفردوسَ" تمثالٌ يماطلُ حتفـَهُ متمنـّعـًا * عجزَت عجوزُ الرّيحِ عن تنزيلـِهِ تأويلـِهِ * فـَتـَبـَرْمـَكـَتْ بغدادُ نادَت نارَها * وتجمهرَ الأهلونَ حولَ رشيدِهـِمْ * باءَت حبالُ الحيِّ عن تحريكـِهِ * دبكـُوا على دبـّابةِ الضـّيفِ الغريبِ * تلعث
عبثـًا تباغتـُنا القصيدةُ * شاشةُ الأحداثِ أسرعُ من حصانِ الحبرِ * لا حبرٌ يضاهي الدّمَّ * أخبارٌ تربـِّطـُنا تخربطـُنا * وتصعقـُنا تصاويرٌ وتحرقـُنا * وخارطةٌ ممزّقةٌ وغارقةٌ بدمعٍ سالَ من عينـَيْ حمورابي * وبابلُ فـي أعالـي البرجِ تقطعُ ثوبـَها * آشورُ
هي خطوةٌ أولـى ويـُخـْتـَصـَرُ الـمدى * هي خبطةٌ أولـى وينتشرُ الصـّدى هلعـًا * عواصمُ من زجاجٍ ترتمي ولعـًا بهولاكو * ولا أفٌّ ولا بـَرَمٌ * ولا بردى ولا هـَرَمٌ * ولاَ كفٌّ تلاطمُ مخرزًا * وبدونِ أحلامٍ ننامُ ولا ننامُ * بدونِ أيـّامٍ نفيقُ ولا نفيقُ من
هي نكسةٌ أخرى تنكـّسُ حلمـَنا * هي نكبةٌ * هي خيبةٌ * هي كذبةٌ كبرى * إله الحربِ يستلمُ الوديعةَ مرّةً أخرى * ومندوبُ الـمليكةِ ها هنا * حرًّا يجوبُ السـّوقَ فـي بغدادَ * يعرفُ ما يريدُ الآنَ * يبغي الكحلَ والحنـّاءَ والتـّرياقَ والسـّمـّاقَ * عاشقةٌ وراء
سقطـَتْ مدينتـُنا القديمةُ مرّةً أخرى * تنفـّسـت البلادُ دخانَ خيبـَتـِها * تدافعت العبادُ يقودُها جوعٌ * تلملمُ بعضَ لقمـَتـِها * تنفـّسُ بعض نقمـَتـِها * ويندلعُ السـّؤالُ مرارةً * ويتيهُ فـي الصـّحراءِ موّالٌ عراقيٌّ وتـَسـْـآلُ
أين الدّفاعاتُ الـّتي قالوا؟
جندٌ وقوّاتٌ وحرّاسٌ وأرتالُ؟
أين الفدائيـّون؟ هل مالوا
إلـى من عندَه مالُ؟
أين الحرسْ؟
ذهبـُوا إلـى مستنقعٍ؟ زالوا؟
كفٌّ عدسْ
كفٌّ عدسْ
تاريخُ أمـّتـِنا خرسْ
تاريخـُنا خرسٌ خرسْ