أُغْنِيَةُ المَوْتِ الشَّجَريَّة - حلمي الزواتي

ألقيتْ في وَداع ِفارسِ الكَلمةِ المقاتِلة… ِ
الشّاعر ِالصّديق ِمُعين بسيسو، الذي قَضَى نَحْبه ُبِذَبحَة ٍقَلبيةٍ حادَّةٍ
في لنْدن يَوم 23/ 1/ 1984.
*
انْهَضْ مِنَ المَوْتِ…انْهَضْ أَيُّهَا الرَّجُلُ
انْهَضْ مِنَ المَوْتِ لاَ شَـكْوَى ولاَ عِلَلُ
انْهَضْ قَوِيّاً فَمَا كَلـَّتْ عَزَائِمُنَا
كَلاَّ ومَا خَابَتِ الآمَالُ والمُثُلُ
كَمِ ابْتَنَيْنَا عُرُوشاً مِنْ جَمَاجِمِنَا
وكَمْ رَوَيْنَا صَحَارَى مَا بِهَا بَلَلُ؟
وكَمْ مَشَيْنَا دُرُوباً كَانَ أَيْسَرَهَا
دَرْبُ الحِمَام ِ، فَلاَ خَوْفٌ ولاَ وَجَلُ؟
إِنَّا رَفَعْنَا عَلى الأَنْجَادِ رَايَتَنَا
وفَوْقَ كُلِّ ثَرَىً تَزْهُو لَنَا الشُّعَلُ
***
يَا فَارِسَ الشِّعْرِ هَلْ أُزْجِيكَ مَـكْرُمَةً
وأَنْتَ لِلشِّعْرِ صَدَّاحٌ ومُرْتَجِلُ
تَأْبَى الخُيُولُ طِرَاداً دُونَ سَاحَتِهَا
أَمَّا الذِّئابُ فَبِالأَوكَارِ تَحْتَفِلُ
هَذي فِلِسْطينُ ُقَدْ أَرْخَتْ غَدائِرَهَا
تَبْـكِي الرِّجَالاتِ مَنْ غَابُوا ومَنْ رَحَلوُا
إِنَّا شَرِبْنَا بِكَـأْسِ العِزِّ مَقْتَلَنَا
وَالآخَرُونَ بِكَـأْسِ الذُّلِّ قَدْ ثَمِلُوا
***
كَيْفَ السَّبِيلُ وسَيْفُ الحَقِّ مُنْثَلِمٌ
والغَاصِبُونَ بِعُقْرِ الدَّارِ قَدْ نَزَلُوا؟
كَيْفَ الرُّجُوعُ وأَوْطَانِي مُجَزَّأَةٌ
والحَاكِمُونَ لَنَا خَانُوا ومَا بَذلُوا؟
قَالُوا ضَلاَلاً بِأَنَّا لَمْ نَـكُنْ دُوَلاً
بِئْسَ المَقَالُ بِمَا قَالُوا ومَا فَعَلُوا
فِي كُلِّ وَكْرٍ لَهُمْ يَخْتَانُنَا وَثَنٌ
شِبْهُ الرِّجَالِ وفِي أَثْوَابِهِ "هُبَلُ"
ضَاعَتْ فِلِسْطِينُ لَمْ نَثْأَرْ لِحُرْمَتِهَا
أَيْنَ الحُمَاةُ، فَهَلْ مَاتُوا، وهَلْ سُحِلُوا؟
***
يَا فَارِسَ الشِّعْرِ قَدْ عَمَّتْ مَصَائِبُنَا
حَارَ الزَّمَانُ بِنَا، بَلْ ضَاقَتِ السُّبُلُ
نَلْقَى الهَوَانَ ومَا أَدْرَاكَ مِحْنَتَنَا
شَابَ الوَليِدُ لَهَا و"العُرْبُ" تَحْتَفِلُ
سَبْعُونَ عَاماً وشَعْبِي لِلْعِدى هَدَفٌ
رَقَّ الحَدِيدُ لِبَلْوَانَا ومَا خَجِلُوا
حَرْباً عَلى الأَهْلِ مَا زَالَتْ مُصَعَّرَةً
أَيْنَ الأُبَاة،ُ وأَيْنَ الفَارِسُ البَطَلُ؟
فِي كُلِّ زَاوِيَةٍ، فِي كُلِّ مُنْعَطَفٍ
دَمٌ يُرَاقُ عَلى سَاحَاتِنَا هَطِلُ
تَبْـكي الثَّـكالى، ومَا تَبْـكي سِوى وَطَنٍ
مَاتَ الحَياءُ بِهِ وانْتابَهُ الشَّلَلُ
أَمَا رَأَيْتُمْ شُعُوباً قَادَهُم صَنَمٌ
عَاشُوا عَلى الذُّلِ، بَلْ مِنْ نَبْعِهِ نَهَلُوا؟
***
آمَنْتُ بِالسَّيْفِ يَمْحُوعَارَ أُمَّتِنَا
دَرْبُ الدِّماءِ طَريقٌ مَا لَهُ بَدَلُ
ثَارَاتُ أَهْلي وهَلْ يَرْوي بِهَا ظَمَأْي
غَيْرُ الرَّصَاصِ ونَارُ الثَّأْرِ تَشْتَعِلُ؟
نَمْضِي إِلى المَوْتِ لاَ نَخْشى نَوائِبَهُ
لاَ يَنْتَهي العُمْرُ حَتَّى يَنْقَضي الأَجَلُ
نَسْقي الرُّبوعَ دِمَانا كُلَّمَا ظَمِئَتْ
تَرْوي الدِّماءُ أَقَاحِي فَرْعُهَا خَضِلُ
وَيْلُ الشُّعوبِ التَّي تُغْضِي عَلى صِغَرٍ
تَحْيَا عَلى العَارِ، بَلْ بِالعَارِ تَشْتَمِلُ
***
يَا فَارِسَ الشِّعْرِ هَلاَّ جِئْتَ مُتَّشِحاً
سَيْفَ الفِدَاءِ ورُمْحاً مَا بِهِ خَطَلُ؟
إِنِّي أَرَاكَ وفِي عَيْنَيْكَ أَسْئِلَةٌ
تُدْمي القُلُوبَ إِجَابَاتٌ بِهَا عَذَلُ
هَذي الطَّواغِيتُ قَدْ جَاءَتْ لِنَعْبُدَهَا
هَلْ يَعْبُدُ النَّاسُ رَبـّاً طَبْعُهُ الدَّجَلُ؟
هُمْ يَبْسُطُونَ لِجَيْشِ الغَزْورَاحَتَهُمْ
أَمَّا الأُبَاةُ فَبِالأَصْفَادِ قَدْ كُبِلُوا
أَسْيافُهُمْ فِي قُلُوبِ الشَّعْبِ مُحْـكَمَةٌ
تَفْري وتَقْطَعُ نَشْوى مَا بِها كَسَلُ
***
يَاحَادِيَ الرَّ كْبِ هَلْ مَا زِلْتَ تَسْأَلُني:
مَاذا دَهَانَا، ومَا يَجْري، ومَا العَمَلُ؟
يَنْأى الجَوابُ حَياءً مِنْ تَمَزُّقِنَا
يَبْدوفَيَحْجُبُ أَنْفَاسِي ويَنْسَدِلُ
قَدْ قِيلَ أَنَّ عِدَانَا أَهْدَرُوا دَمَنَا
ونَحْنُ نَهْدُرُهُ دَوْماً ونَقْتَتِلُ
إِنَّا إِلى اللّهِ نَشْـكُوحَالَ أُمَّتِنَا
يَارَبُّ إِنَّا إِلَيْكَ اليَوْمَ نَبْتَهـِلُ
مَنْ كَانَ يَبْعَثُ فِي الأَعْرابِ نَخْوَتَهُمْ
تِلْكَ العَقيدَةُ والقُرْآنُ والرُّسُلُ
إِنْ لَمْ نُوَحِّدْ عَلى الإِسْلامِ خُطْوَتَنَا
فَلاَ أَظُنُّ بِأَنَّ النَّصْرَ قَدْ يَصِلُ.