أفتش عنك وعنّي (بكائية وطن ...) - خضر محمد أبو جحجوح

لماذا ارتجلتِ المسافة بيني وبين العذاب ارتجالا
وأطلقتِ قلبي بلفح الصحارى غزالا
ولما ارتجلتكِ وجدا، غرستِ بجرحي نصالا ؟!!
لماذا بكيتِ عليَّ ومنِّي؛
ولمّا تقرّح قلبي عليك، ومنكِ؛ ذبحتِ وجودي
وقدَّمتِ رأسي لسربِ الوحوش يصبّون فيه نبيذا
لماذا ... لماذا ... لماذا..؟
لماذا تبيحين دمعي ولحمي ونايي ورحلي؟
لهذا الغريبِ
وكلُّ الوحوشِ سواءْ
ولستُ أفرق بين الجراءْ
فكلّ الجراء تحبُّ عظامي لتغدو وحوشا
وكلّ الجوارحِ تعشق لحمي، وعظمي، وتحسو دمائي
.
صراخي مع الريح يخبو
وهذي الفصولُ الأخيرة منِّي
خريفٌ ولمحُ طيوفْ
تدلَّت هناك على الأفق حيرى وسكرى
كأني نثارٌ من الرَّمل بين البراري...
فلمِّي النثارا..
وغطي الهجيرَ بهذي الصحارى..
فإنِّي أهيم بهذا اليبابِ أفتِّش عنكِ وعنِّي
وما زال فيّ حنينٌ لوجهك يزهو وراء السوافي!!
أما زال فيك اشتياقُ
لأولِ فصلٍ من الذكريات البعيدة...؟
إليك اجتراحي هواكِ وأنتِ تعدّين لحمي
على الأرضِ شلوا فشلوا..
وآخرُ غصنٍ على كاهليَّ يقاوم لفحَ الجفافِ
وزحفَ الخريفْ!!
فإما أكون ... وإمّا...
.
(ومهما اجترحتِ فراقي
أفتش عنكِ وعنِّي)
عظامي على السَّفح صارت خيولا..
ودمعي استحال سيولا..
لعلَّ الدموع َ تعانقُ جذري فيخضرَّ غصني
وليت الخريفَ يولّي....
وهذي التلال تدق الطُّبولا
وسهلَ الشقائق بين الحقول يغنِّي
*
مخيم النصيرات
مساء الأحد27/1/2008