حوارية الأسر - خضر محمد أبو جحجوح

إلى أسرانا البواسل في سجون الظلم والجبروت باقة حب وقسم إباء وعهدا على المضي في درب الحرية والكبرياءْ :
* أبتي الغالي
بعد الشوق المروي بحبي
وسلامٍ تزجيه الأنسام
أهديك شغاف القلبِ
وأقدِّم عُمري باقاتٍ من ودٍّ وحنينِ
يا لهفة أيَّامي وسنيني...
ماذا فعلت بك جدرانُ الزِّنزانه
وسياط الجلادين؟
وأنا من بعدك في صبر أترقَّبُ صوتَ الزنَّانه
- سرقتْ جسدي منكم يا ولدي
آلات القمع الهمجية
وجنازير التعذيب الوحشيه
كي تكسر عزمي ويقيني
وتفتتَ روحي
وتزيد جروحي
ببرودة جدران تعوي في نسغي كذئابْ
وبنادق وحبال تتدلى خلف الأبواب
كأفاعٍ تغرس في قلبي الأنياب ..
وكلابٍ بوليسيه
لكني لا أرهب منهم أحدا
وصمودي حطم أرتال جحافِـلِهم
فتلووا يبكون على زندي
غرقوا في فيض إبائي الممتدِّ
على طول الأمد
فأنا الإعصار الأبدي
سأدمِّر سجني والسجانْ
ماذا عنكم يا ولدي؟!
* جدي يتلهفْ
كي يلقاك ويسمع صوتك
ويجسَّ يديكْ
ويقبِّلَ خديكْ
ويعانق فيك الوجد وأجمل أيامْ
وشبابا ولَّى ما يئست فيه الأحلامْ
ويحوقل مبتهلا كل صباح ومساء
يدعو لكْ
بالصِّحَّة والفرَجِ العاجلْ
ويواصلُ لا يتعبُ أو ترهقه السنواتُ يواصل
جدِّي المتفائلْ
وسلامتك حبيبي
ألقاك على خيرْ
فالسجان النازيُّ يشير لكي أخرج..
- ماذا عن أمك يا رامي
وبناتي ريمُ وآيه
والأهلِ وكلِّ الجيران؟
وتفرُّ الدمعة من عيني رامي
- ولدي الغالي المحبوب
ماذا تخفي خلف الدمعه
* أمي انتقلت للدار الباقية على كفِّ الرحمة وهي تناجي طيفَك
كانت توصينا بالصبرِ وتمنحنا القوة والدفء وما سئمت وصفَك
يرحمك الله أيا أمي
لمعت في عين الأسد بروق تحد ممزوجٍ بالحزن وبالهمِّ
والوجه الغاضب يتوفز فيه الدَّمْ
وتشابك دمع الشبل مع الأسدِ
* (آه يا ولدي)
عهدا نقطعه
(ولتشهدْ كل الدنيا)
خرج الصوت زئيرا من حنجرتين
سنزلزل أركان السِّجنِ ونسحقُ رأس الأفعى
والنورُ سيملأ هذا الكونَ النورُ
ويذوب على كفَّيهِ الدَّيْجُـورُ
وترفرف راياتُ الحق العلوية