عندما حدَّثتُ البحر - خميس

رَجَعْتَ لي ، بعد أحزانٍ وآلامِ
فأشرقَتْ ، من جديدٍ ،
شمسُ أيامي .
وعاد لي مَلَكُ الأشعارِ يُلهمُني
فانسابَ شعريَ ، من وحيٍ وإلهامِ
وصرتُ أنظرُ للدنيا فتُعجِبُني
ماذا أريدُ ؟
وأنتَ الآن قُدَّامي ..!
يكفي وجودُكَ فيها كي يدلَّ على
بديعِ صُنْعٍ ، لخَلاَّقٍ ورسَّامٍ .
يكفي وجودكَ فيها ، كي أحسَّ أنا
بأنني مَلِكٌ ، والكلُّ خُدَّامي ..!
إنْ قلتُ للطيرِ :
يا طيرُ اصدَحي ، صَدَحَتْ
وأتْحَفَتْني ، بألحانٍ وأنغامِ .
وإنْ همستُ إلى الأنسامِ : إسرِ ، سَرَتْ
حولي ، كأعذب هبَّاتٍ لأنسامِ .
يا بحرُ ، كنتَ معي في كل ثانيةٍ
وكم رأيتكُ في نومي وأحلامي .
وكم توقعَّتُ أن ألقاكَ قبلُ وقد
صدَّقتُ ما قالهُ ، بالأمسِ ، حُكَّامي .
قالوا : " سنرجعُ " ،
طفلاً كنتُ حينئذٍ
واليومَ قارَبَتِ الخمسينَ أعوامي .
ما كنتُ أحسَب يوماً أنهم كذبوا
وأنهم ملؤوا رأسي بأوهامِ .
وأنهم مَعَ أعدائي عليَّ ، ولا
يستهدفونَ سوى قتلي وإعدامي .
كيف التقينا ؟
ولم أسمعْ هنا أبداً
صهيلَ خيلٍ ،
ولا وقْعاً لأقدامِ . !
ولا رأيتُ جيوشاً حولنا رفعت
أعلامَها ،
أينها ، يا بحرُ ، أعلامي .؟!
لا . لا تقلْ إنَّ لقيانا مصادفةٌ
أو إنَّها رميةٌ ،
كانت بلا رامِ .!
..
تَعَجَّبَ البحرُ ، ممَّا قلتُهُ وبكى
وقالَ لي :
هذهِ أضغاثُ أحلامِ .!
فقلتُ :
يا عينُ لا تستيقظي أبداً
حتى وإنْ لمْ تُحسي بالكرى ،
نامي .!!