الحمّام تحت زخات المطر الناري - زينب حبش

إلى روح الشهيد بسام حبش "أول من منُح وسام فلسطين من الأخ القائد ياسر عرفات"
*
(1)
بسامْ
يغِفو
يحلم في حضن الوطن الدافئ
تكحُلُ عينيه حُبيْبات الرمل السمراءْ
تزيّنُهُ ضمّةُ شِقيقٍ فوق الصدْرْ
ويلثُمُ شفتيِه
آخر حرفٍ في كلمة حُبّ
آه يا قلبْ
تؤلمني حباتُ العرق الفضيّ
على جبهة بسامْ
تُفرحني شارات النصر المرسومة
بأصابع ِ بسّامْ
(2)
هذا هو الفرحُ الفلسطينيّ
والألم الفلسطينيّ
يتعانقانِ كعاشقينْ
يتلازمان كعاشقينْ
(3)
في حلقي تتعثّرُ كلماتُ الوَجْدْ
وأنا وحدي
أبحثُ عن فرح مغموسٍ بالدّمْ
لأجدد حبّا مذْبوحاً في المهدْ
آهٍ يا وطني
آهٍ يا آخرَ لحدْ
ورداً أحمرَ يقطرُ جسدي
وأنا أتعبدُ
أبحث لي عن ربّ*
في الحكم العربي ظننتُ الرّبْ
في الشعب العربي ظننتُ الرّبْ
في الثورةِ
في نفسي
في صحبة رشاشي
أيقنتُ بأَنّ الرّبْ
---------
 الرب هنا بمعنى الصاحب
(4)
آهٍ يا قلبْ
دقاتك لحنٌ أسطوريٌ يطربُ كلّ الناسْ
دقاتك نبضُ الثورةِ
تتحدّى
تزأرُ
تسرحُ في غاب الموتْ
تُغني للأطفال
تداعبُهمْ
وتقول لأمي لا تحزنْ
ما زال القلب معافى يا أمي
(5)
الثورُ الهائجُ صارَ ملايينَ الثيرانْ
في الجوّ
البّر
البحر
وكل مكانْ
وأنا أحمل منديلاً مغزولاًً
من نبضات القلبْ
وأغني
كانت معركةً متكافئةً
بين الثيرانِ وبيني
(6)
ماذا؟
لا شيءْ
القصة أني أغمدتُ الحربة
في رأس التنينْ
عدتُ
تحممتُ بزخات المطر المنهمر على جسدي
آهٍ ما أحلى الحمّامْ بزخاتِ المطر الناريّ
على أنغام الخطواتِ الراقصةِ
ببحر الليل
(7)
من قلب الصمتِ الأزليّ
تبرعم نغمٌ
يلمعُ كالنّجم الواحدْ
(الله أكبر)
وتردد هذا النغم السيمفونيةُ
بين جبال النارْ
الله .. الله .. الله
وارتجفتْ أطرافُ الثيران الخائرة
وكان الموتْ
والتأم الشملْ
وأنا يقتلني الشوقُ
إلى أحضان أبي
يقتلني الشوقُ
إلى قبلة عمّي أحمدْ
يا جسدي المجبول بحبات العرق الفضي
تعمّد
واغتسلي يا روحي بالمجدِ الأزلي
*
28/6/1980م