العشقُ القاتل - زينب حبش

عاشِقَةٌ أنا
والعشْقُ في بلادنا حَرامْ
والحبُّ في بلادنا جرامْ
والشّوْقُ للمحبوبِ في بلادنا
حرامْ
وَرَغْمَ أن كلّ شيءٍ في بلادنا حرامْ
عاشقَةٌ أنا
عاشقةٌ أنا بلا نَدَمْ
عاشِقَةٌ حتّى جُذور الصّمْتِ
والعَدَمْ
أقبّلُ الترابَ في الصباحِ والمساء
وأعبدُ الفناءْ
من أجلِ مُقْلتي قريتنا الخضْراءْ
عاشقَةٌ أنا كالموتْ
أضمُّ حُبّها العظيمْ
في طرْحَتي البَيْضاءْ
أخافُ أن يَمَسّها النّسيمْ
أخافُ أن تَجْرَحَها العيونْ
أحبُّها مزارعاً وَبَيّاراتْ
أحبُّها شوارعاً ضيّقةً عتيقةْ
أحبُّها مجْداً وتاريخاً
وقصصاً عَريقةْ
أحبّها خَنادقاً
أحبّها زُهوراً
أحبّها صَنَوبراً وحوراً
قصائداً أحبّها
ورَقْصَ ميْجنا
وزَفّةً ودْبكةْ
وألف ألفَ ضِحْكةْ
أحبّها لو أنها قاتلتي
لو أنها معْصَرةٌ للموتِ
للفناءْ
تظلُّ عندي قريتي الخضراءْ
تظلّ مُقْلتْي
أحبّها
لأنَّ كلّ منْ أحبّهمْ
ماتوا لأجْلها
أحبّها
لأنّ إخوتي وكلّ أهْليْ
سُجنوا وعُذبوا واستشهدوا
من أجلها
أحبها
لأنني أموت كل يوم
ألف ألف مرّة
من أجلها
عاشقةٌ أنا
وفوقَ جَبْهتي تُعششُ النجومْ
وفوقَ مُقلتي
ترقُصُ منْ فرحتها الغُيومْ
وفوقَ ذقني يضْحَكُ القمرْ
ويَحضنُ الحياةَ
يا حياة!!
عُودي إلى قرْيتنا الخضراءْ
عُودي مَعَ الصّباح والمساءْ
عُودي مَعَ الصّيْفِ
مَعَ الرّبيع
والخريفِ والشّتاءْ
عُودي !!
فَرَغْمَ أن كُلّ شيءٍ في بلادنا حرامْ
سَنَسْحَقُ الظّلامْ
سَنَسْحَقُ الظّلامْ
ومنْ عُيون الفجْرِ سَوْفَ نَصْنَعُ السّلامْ
*
18/9/1974