إيفا شتالْ - زينب حبش

" لم تكن إيفا فتاة عربيةْ
لم تكن إيفا سوى إنسانةً مفتوحةَ العينيْن
عَرَفَتْ معنى القضيّةْ
فاذا إيفا شظيّةْ
شرفُ الثورةِ يا ايفا
لعينيكِ هديّةْ"
إيفا شتالْ
يا مَوّالاً يَحْضنُ موّالْ
ألمحُ في كفّيْكِ الحانيتينِ
رفوف طيورٍ بريّةْ
ألمحُ في قدمَيْكِ
بيادرِ قمحٍ لمْ تُحصَدْ
ألمحُ في عينيكِ الخضراوينْ
باقاتِ ورودٍ حمراءْ
ألمحُ في عينيك الخضراوين
غاباتِ نخيلٍ باسقةً
وتلال صخورٍ ورديةْ
في عَيْنَيْكِ أرى وَطني
في عينيكِ أرى مليونَ سماءْ
في عينيك أرى علمي
في عينيك
براكينٌ
تنزفُ ناراً
ودماءْ
إيفا شتالْ
يا إيزيسَ فلسطينْ
من بين ذراعَيْكِ خطفوا أوزريسْ
من أحشائك خطفوا حوريس
من أطرافِكِ خطفوا قدماً وذراعْ
من نور البسمة في عيْنيك الحالمتينْ
غزلوا للموتِ شراعْ
قولي يا إيفا
كيف بربّكِ دقوا
كل مسامير الحقدِ بكفّيْكِ؟!
كيف اختطفوا الضمّادةَ
والجسدَ المجروح المثقلَ بالأحزانْ
من بين يديْكِ؟!
آهٍ يا إيفا
ما أصعب أن نحملَ حزنَ الأطفالِ
الأيتامْ!
ما أصعب أن نحملْ أخطاءَ الكونْ!
ما أصعب أن تنقلبَ علينا الأيامْ!
ما أصعب أن نحمل بالكفينِ
دماءَ الشهداءْ!!
ما أصعب أن نُدفَنَ يا إيفا
من غير كفنْ!!
ما أصعب أن نحيا في وطنٍ
من غير وطنْ!!!
لكن الثورة تُنبئُ
أنّ هناك مسيحاً يجمعُ شملَ المخطوفينْ
الثورةُ تنبئُ
أنّ هناك مسيحاً يُشفي الأرواحْ
ويردّ النورَ الى العَيْنينِ المطفأتينْ
الثورةُ يا إيفا
صارتْ مريمْ
والثوارُ
جميعُ الثوارْ
صاروا أبناءَ العذراءْ
*
1976م
* ايفا شتال ممرضة سويدية تزوجت من مناضل فلسطيني. استشهد زوجها اثناء حصار مخيم تل الزعتر، أما هي فقد أجهضت أثناء قيامها بواجبها وفقدت قدماً وذراعا