حفروا مذكراتي على جسدي - زينب حبش

ضَرْبَةٌ في الرأسِ
أولى ذكرياتيْ
وحديدٌ
وَسلاسِلْ
ودَمٌ في الوجهِ سَائِلْ
على العْينِ عصابةْ
كالسحابةْ
حمَلوني فَوْقَ سَيارةِ شرطةْ
شَتموني بِعباراتٍ بَذيئةْ
يا أخا الْ ...
أَواهُ
يا أختيْ البَريَئةْ
آهِ مِنْ قيْدِ الحَديدْ
آهِ منْ حقْدي الشديدْ
عَلقوني مِنْ ذراعيْ
خَلَعوا عَني ثيابيْ
جَعَلوا مِنيَ أرْجوحَةَ لعْبِ
مَزقوا بالسوْطِ أعْصابيْ
وَقَلبيْ
مَزقوا ...
أَواه ما أقسى عَذابيْ
خَلعوا مِنيْ الأظافرْ
حَرقونيْ بالسجائِرْ
سَلخوا جِلدي المكابرْ
وَجَدوا تَحتَ عِظاميْ
ألفَ ثائِرْ
ألفَ ثائِرْ
كانَ ليْ يَوْماً يَدانْ
شَلتْ الأولىْ
وبالأخْرى أردُ الضرَباتْ
ما أَشد الضرَباتْ
غَيْرَ أَني مثْلما قالوا
عَنيدْ
وَفؤادِيْ مِنْ حَديدْ
وَاعْترافيْ
لَمْ يَكنْ إلا بَحبِ الأرضِ
رَغْمَ الهَذيانْ
جاءَ دَوْرُ الكَهْربَاءْ
آهِ ما أَقْسى عَذاب الكَهْرباءْ
لم أكنْ أُدرِكُ أَن الموْتَ يولدْ
يَتَكاثَرْ
كانَ في اللحظةِ مِليونُ وفاةْ
كانَ في اللحظةِ مِليونُ جَهنَمْ
يا جَهنَمْ
إرِفعيني مِنْ يَدِ الغَدْرِ
إليْكِ
إرِفعينيْ
عَلنيْ أنسى عَذابيْ فيْ يَدَيْكِ
يا حَبيبيْ
وَأَتَتْني يَوْمَها إحْدى الصبايا
البغايا
يا حَبيبيْ
وَدَنتْ من جسميَ المَنهوكِ
تصْليهِ سَعيرا
وَنفُورا
يا حَبيبيْ أَنا لَكْ
هَذهِ الحَسناءُ تَأْتيكَ بِكلْمةْ
- - - -- - !
- - - -- - !
- - - -- - !
- - - -- - !
لَستُ أَدريْ ما الذيْ قلْتُ
وَلكني صَحَوْتْ
وَغَفَوْتْ
وَصَحَوْتْ
كنْتُ عرياناً تُغَطينيْ الدماءْ
كنْتُ أُهذيْ بَاباءْ
وَسَمِعْتْ
- ضَرَبَ الحَسناءَ
- ماذا؟!!
- وَالملازِمْ ...
- وَأَخي وَالحارسَ الجِنْجيْ !!
- ألفدائيُ العَنيفْ!!
- إنه أسطورةٌ مِنْ كِبْرِياءْ !!
- أترى مَاتَ ؟
- تَعالوا
- أَنا خائِفْ
- أَنا خائِفْ
- أَنا خائِفْ
فابتسَمْتْ
وَغَفَوْتَ
*
نابلس في 1969 م