يا علقمة ! - عبد الرحمن بارود

يا علْقمهْ !
يا ابن الدُّمى الممْسوخةِ المقزّمهْ
القدس لم تُخْلق هنا لقيطةً ولا أمَهْ
يزْني بها الدَّجَّال ثًم كلبُهُ مًسَيْلمهْ
القدس مذْ تبوَّأتْ عرْش الجبالِ مُسْلَمهْ
رِبِّيَّةٌ .. قِدِّيسةٌ .. صِدِّيقةٌ .. مُقدَّمهْ
تِرْبُ الزَّمان .. والزَّمان لمْ يُشَقَّ بُرْعُمَهْ
إحْدى الثَّلاث الغرِّ من أمَّاتِنا المعظَّمهْ
لا يجهل الوليدُ وجْهَ أمِّه المحرَّمهْ
للقدس وجهُ طيْبةٍ ومكّة المكرّمهْ
تَرْسُفُ في أصفادها بين القِلاع المُحْكَمهْ
حطّتْ عليها القبَّعات السّود والضّفائر المًزنَّمهْ
أَغْرِبَةٌ غرِيبةٌ منْ كلِّ صِقْعٍ شِرْذِمهْ
تَغْرِزُ في أفْراخنا أظْفارَها المُسَمَّمَهْ
وطار نوْم القدس من عيونها المورَّمهْ
من وقْع دبّاباتهم ووقع حفّاراتهمْ
ووقْع جرَّافاتهم في دُورها المهدَّمهْ
أين كُلَيْبٌ .. وأبو زيد الهِلاليّ .. وأين عنتر العربْ ؟
ذابوا كفصِّ الملْح في الماء ولم يظهر حَبَبْ
سحقا لأطْنان هَوَتْ قُمامةً مُقَمَّمهْ
من رُتَبٍ طنَّانةٍ رنَّانةٍ وأوْسِمهْ
وآنفٍ مخزَّمهْ
لو تَقْدِرُ القدس على بعض الوجوه المجرمهْ
صبّت عليه ألف قُبْقَابٍ ودقّتْ أعْظُمهْ
تَبِصُّ من زنزانة كالقبر فيه جُمجمهْ
تُسائل النجومَ في جوْف الخُطوب المُظْلمهْ
عن فجر يوم الملحمهْ
الملحمه .. الملحمهْ
بسيف خالدٍ وطارقٍ جعفرٍ وحمزةٍ ومصعبٍ وعكرمهْ
لا بسيوف الخشب المَخْصِيّة المُلَجَّمَهْ
اِحفرْ أبا حاييم حتى تَخْرق الأركانْ
احفر إلى أن يَخْرج الحفَّار من قاع المحيطْ
غربَ بلاد الأمريكانْ
ثم اسأل الاسفنج والمرجان والأسماك والحيتانْ
عن عابر في أرضِنا .. في غابر الأزمانْ
تَخَطَّفَتْهُ الجانّ
هنا يَبُوس .. واليَبُوسِيّون من كنْعانْ
ألم تَقُلْ لك التّوراة يا زنيمْ . .
أورشليمْ .. معْدِنها كنعانْ ؟
نحن هنا وُكورُنا .. نحن هنا طيورُنا
نحن هنا قبورنا .. لم تتغيّر دورُنا
لم تُقْتَلَعْ جذورنا .. منذ انْجلى الطّوفانْ
الأرض من علٍ تُدار .. الأرض فوقَها القدرْ
من السماء يهْطِل الدّمارْ .. ويهطل المطرْ
منذ عهود أور السحيقة القرارْ
إخَال هامة الزمان في دُوارْ
(يا نارُ كوني ) أخْمَدَتْ برْكان نارْ
وصار إبراهيم في لمْح البصرْ في روضةٍ مِعْطارْ
وبات مالكٌ يجرّ في سقرْ بيْن جبال النارْ
نَمروذًا الجبّار عِجْلا له جُؤارْ
وجاءنا خليل ربِّنا -صلى عليه الله- يقْطع الفيافِيا
مُهاجرا بِدِينه مُجاورا مُصافيا
فنوَّرت به الشآمُ رائحًا وغاديًا
وحلّقَتْ فوق الأنام .. عاليًا .. وعاليًا
مسافرٌ متيّمٌ ملوّعٌ .. لا يهْجعُ
يطْوي الظّلام قائما وقاعدا .. وساجدا.. وباكيا
كأنّ في فراشه لِجَنْبِهِ مَكاوِيا
ينْزل عن بعيره ويرْكب اللّياليا
لمّا دعاه خِلُّهُ إلى الرّحيل
وصّى بنِيه والدّموع من عيونهم تسِيلْ
حذارِ يا بنيّ .. إنّ ربّنا الأجلّ ..
قد اصطفى لنا الإسلام خير دينْ
فلا تموتنّ إذا أتى الأجلْ إلا وأنتم مسلمونْ
وحطّ خدّه النّبيلْ
على وسادةِ التّراب في مدينة الخليلْ
ونام نوما هانيا
وشاء ربّنا الأجلّ .. في حيِّنا المقدّس القديمْ
على روابي السّمن والعسل .. عرشا لداود العظيم .. ولابنه البطلْ
في دولة للحقّ لم يمرّ مثلها
منذ الأزلْ
عملاقةٍ .. في عالم الأقزام .. شمّاء كالجبلْ
صلّى عليكم الإله ما تغنّت الطّيور في الخَميل والنّخيلْ
وما ترنّحت ضفائر الغصون .. في نسيمها العليلْ
منّا هُمُو .. ونحن منهمُو .. فلا تَقُلْ : ممّن هُمُو
والمصطفى .. أميرهم .. أخوهُمُو
الأنبياء -صلى عليهم ربنا وسَلّما- . . كما أفاد القائدُ
أبناء عَلات هُمُو .. لكن أبوهمْ واحدُ
نِعْمَتْ مصابيحُ الهُدى تضيء في نفوسنا
وكلّهم .. بخٍ بخٍ .. تاجٌ على رؤوسنا
وانْكسرتْ في غابة الزّيتون مِنْسَأهْ .. أتتْ عليها الأرَضَهْ
قد أذّنتْ بلا فمٍ دوْلتُكم مُنْقَرِضهْ
وغاب عن بلادنا القمرْ
على سليمان المبارك السّلامْ
مَنْ سخّر المولى له
الجنّ والطيور والرّياح والأنامْ
كأْسٌ على كفّ القَدرْ ..
تصيح في بني البشرْ ..
هيّا إلى الحِمامْ
وخيّم الظّلام وأَفْلت الزِّمامْ
وانْشقّ تاج المُلْكِ نِصْفَيْن .. والعرّش عرّشينِ
وعادت الأصنام ياعيني ..
وعاد عجْل الأمس .. عجْلينِ
رجَعْتَ للعجول يا غُدَرْ ؟
يا عاشِق البقرْ؟
تغزّلوا بحُسْنه .. فوجْهُهُ قمرْ
[بورِكتَ يا (عُوعُو) يا بلْبلَ الأغصانْ
عيناك تسْحرانْ كأعْين الغِزْلانْ
قرْناك شمْعدانْ أسْنانك الجُمانْ
مِنْ فَمِك المُفَلْطح الرّيّانْ
سالتْ لنا جواهر البيانْ
وذَيْلُكَ الطّريقُ لِلْجِنانْ]
حرَّقَهُ موسى؟ .. أَجَلْ ذرّى رمادهُ ؟ .. أَجَلْ
لقد أباده ؟ .. أجلْ
لكنّه الغرامْ
وظلّ (عُوعُو) في قلوبكم ينامْ
والسّامِريُّ فيكمُو على الدّوامْ
وحطَّموا مصْباحهم .. بكلّ جُلْمُودٍ أصمّ
فأطْبقتْ كلّ الظُّلَمْ
والأنبياء ذبّحوهُمُو كما تُذبّح الغنمْ
ورأس يحيى قدّموا هديّة على طبقْ
لِكَلْبَةٍ مسْعورةٍ أطار لُبُّها الشّبَقْ
أمّا أبوه .. وهو خير كافلٍ .. وخيْر أبْ
فقد وثبتمو .. بلا .. جريرة .. ولا سبب
تقطعون جسمه .. كما يقطع الخشب
كوهين قف .. لا تقترب
بك الجذام والجرب
واهرب إذا استطعت الهرب
دع عنك إبراهيم والزم الأدب
فأنت في ميزانه
كحزمة من الحطب
لا تقترب .. . البعر نجس الذهب
ولا تقل موسى
فأين من موسى الكليم أنت .. يا مزور الكتب ؟
السوس خرب القصب
جندي داود العظيم أنت؟
أين التراب والحصى
من النجوم والشهب؟
لو عاد داود العظيم بعد هذه الحقب
لجز منك الرأس يا خؤون .. والذنب
تقول صفوة الوجود أنت؟
خسئت يا دجال يا أبا الكذب
يا للعجب!!! … ولا عجب
َمْن قلبُه من صخرة
فليس يعرف الأدبْ
فبؤْ بألف لعنةٍ ولعنة مؤبّدهْ
من عند رب العرش كالقذيفة المسدّدهْ
تنْسف في طريقها بروجك المشيّدهْ
سبقْتَ كل مارق من القرون الملحدهْ
إبليس جنّ ، عنده
إبليس إنس جسّدهْ
يكاد من إعجابه يُلقي إليك مِقْودهْ
فسِرْ وراءه وخذ بذيله كي تَسْندهْ
طمّ الفساد والْتطمْ
سيلٌ ولا ألْفانِ منْ سيْلِ العَرِمْ
السّيل أغْرق القممْ
فسخّر الله عليكم ريح عاد
فمزّقتْكم في الأممْ
وجاءك الفرعون شَيْشَقْ فافْتتح الحسابْ
فشقّها من أروشليم .. إلى شَكيمْ
وعاد مثْقلا بما نهبْ
من الحرير والذّهبْ
وأيْقظتْك من فراشك الوثِير
في ليلِك المطيرْ
صاعقةٌ من الصّواعق اسمها آشورْ
وخفّ سَرْجُون إلى بلاطك الكريمْ
فدمّر الأسْباط في شكيمْ
وحرّق الدّيار .. ثم انْثنى .. مكلّلا بالغارْ
وساقَكَ الجنود بالعصا أمامهُ
سَبِيَّةً .. بلا خِمار .. ولا إزارْ
وجاء –بعدُ- بُخْتُنَصّرْ .. جبّار بابلِ
بالنّار والدّمار .. والقنابلِ
وساق منك سَبْيَهُ الكثيفِ
مقرّنين في السّلاسلِ
وعاد بالغنائم الجِسامِ
وأورشليم خلْفه .. حطامْ
وظلّ يقْذف البرْكان بالحُمَمْ
كلّ ممزّق مُزَّقْتَ في الأممْ
وساق بالأظعان سائق حُطَمْ
ولم يعُدْ لكم في أرضنا مقامْ
وطُهِّرَتْ من ذلك الملعون جنة الشآم
وأنفه المجدوع في الرُّغامْ
يا سيّد السّادات من أمّ القرى
على جواد ليس يلمس الثّرى
كأنّه برْق الدّجى .. إذا سرى
ولم يسُسْهُ سائس من الورى
يطْوي الجبال والوهاد والقرى
لا يقرب الماء ولا يبغي القرى
أمسى تراب القدس مسْكا أذْفرا
وأنت تخْطو فوقه مظفّرا
جيش النّبيّين هنا
في المسجد الأقصى احْتشدْ
لم يُرَ قطّ مثْله من أزل إلى أبدْ
مجرّة إنْسيّة ما لشُموسها عددْ
من كلّ فجّ أقبَلوا فلم يغبْ منهم أحدْ
يرحّبون بالأمير القائد الذي وفدْ
وخلفك اصْطفّوا بلا ضغينة ولا حسدْ
تحت لوائك الأشمّ والدٌ وما ولدْ
أمددْ يمينك اسْتلم وديعة الفرْد الصّمدْ
القدس عقر داركم كالرّوح تعمر الجسدْ
فالمسجد الحرام .. بالأقصى المبارك اتّحدْ
عمود ملْكك الذي عليه ملْكك استندْ
لا تُغْمد السّيوف في أرض الحديد والزُّرَدْ
فكلّ بيت مسجدٌ وكل مولودٍ أسدْ
ياسدْرة عُلويّة قد أعْجزت بني البشرْ
يعْقد فرْط حُسْنها لسان كل من نظرْ
تحْكي ثمار نبْقها تلك القِلال مِنْ هجرْ
فراشها من عسْجد يكاد يخطَف البصرْ
تزيّنتْ لمّا رأتْ بدْر البدور قد حضرْ
قد احْتفى بك الوجود وارتدى لك الدّررْ
يهوي إليها كل ما به مليكنا أمرْ
ويصعد الذي جنى العباد من خير وشرّ
ثم ارْتقيتَ وارتقيتَ فوق مستوى الفِكَرْ
حتّى رأيت في العلا أنوار خالق القدرْ
فاضت عطايا ربّنا وجودُه لنا غمرْ
حتّى سمعتَ عنده صرِيف أقلام القدرْ
والفرض خمسٌ عندنا يغسلْننا من الوَضَرْ
وهنّ عند ربنا خمسون أجرها استقرّ
ثمّ رجعْتَ غانما على حصانك الأغرّ
والفجرُ في حجابهِ خلف الجبال ما سَفَرْ
ياسفرا إلى العُلا نفْديك يا أخا السفرْ
كم فيه من أعجوبةٍ من العجائب الكُبَرْ
نَقَشْتَ من عدْنٍ على قلوبنا أحلى الصّوَرْ
خبّرْتَنا عن رحّلٍ حطّوا الرِّحال في سقرْ
كأنّهم أمامنا رأي العِيان لا الخبرْ
يا جبل المكبِّر الْتفِتْ إلى الجنوبْ .. يا صاحبُ
إلى الصّحارى الجُرْدِ .. حيث تقفز الجنادبُ
وتزْحف الصّلال والعقاربُ
وتسْرح الذئابُ والضِّباب والثّعالبُ
وتهْبط العُقْبان والصقور للقتال
من عشِّها الشّوكيّ في شواهق الجبالْ
يا صاحبُ
بشْراك جاءك الحبيب الغائب والله غالبُ
وأشْرقت من طيْبة الشّموس والأقمار والكواكب
أتاك غيث راعِدٌ
بروقُه الأسنّة الحِداد والقواضبُ
إذا اكْفهرّت الشّدائد
وسار فيه الجَبَلان عامرٌ وخالدُ
ويدْخل القدس على بعيره العبقريّ الزّاهدُ
أميرنا عمر ففكّه من نِيرهِ
وكبّر الخليفة المجاهد
فكبّرتْ وراءه الجبال والوِهاد والجلامدُ
والمسجد الأقصى جرتْ دموعه من الفرح
وهو لربّه العظيم ساجدُ
وكالثّريّات ضاءت حوله المساجدُ
ياخمسَ عشْرة التي تحطّمتْ بها القيودْ
هجريّة .. بدريّة
بها تعطّر الوجودْ
لك العلاء والخلودْ
وقلّد الخليفة العظيم إيلياء
قلادة من الورود غاليهْ
بعهدةٍ محفوظةٍ
على الدّهور باقيهْ
لإيلياء الأمن والسلام .. والحياة الهانيهْ
لا يسكنَنْ بإيلياء الرّوم واللّصوص
.. ولا أحد .. من اليهودْ
لكم على ما في الكتاب عهد الله ..
وذمّة الرّسول .. والمؤمنين ……عمرْ
عليه يشهد : ابن عوف .. خالد .. . عمرو .. معاويهْ
القدس بيت ربنا حرّاسها الزّبانيهْ
من خانها أو شانها هوتْ به في الهاويهْ
بعد اثْنتين .. مالها أختٌ لها مساويهْ
والعزّ في أسُودها لا في الطّبول الخاويهْ
وقّعْ هنا .. وقّعْ هنا .. وقّعْ هنا .. وقّعْ هنا
في أراجوز نحن أمْ أمام ساحر يحرّك الحيطانْ
تحرّكت جنازة الأوطانْ
من غزّة إلى ناقورة ..
حيفا ويافا مجْدل أسدود عكا .. عسقلانْ
لدّ ورملة .. ياحسرتا .. في سلّة النّسيانْ
كل الجليل ضاع .. لا طبريا ..
لا صفد .. وضاع من قاموسنا الجبانْ
كلّ البلاد أصْبحتْ
في خبر المرحوم (كان)
وأين ضفّتي ؟ .. ماذا لنا على الخوانْ ؟
أرى رؤوسا طافيهْ .. مقطّعهْ .. تصيح في الطّوفانْ
وأين غزّتي؟ .. يدقّ رأسها السجّانْ
الماء مالحٌ .. والجوع كاسحٌ ..
ونِصْفها يُلفّ في الأكفانْ
وأين شعْبُنا الذي قد كانْ؟
مشرّد في اللازمان .. واللامكانْ
وكلّما أراد أن يقول :
"موْطني" تدقّ رأسهُ الكسيرُ كِلْمتانْ
وقّعْ هنا .. وقّعْ هنا .. وقّعْ هنا .. وقّعْ هنا
سبْحان من يُداول الأيّام في بني البشرْ
يخْفِضُ حِينا قسْطهُ بِعَدْله .. ويرْفعهْ
يُعطي المليك مُلْكه وفي ثوان ينْزِعُهْ
والفيلُ إن حُمّ القضا فجِرْمُهُ لا ينْفعهْ
تَشُكْهُ في عيْنه بعوضةٌ فتصْرعهْ
عشرون قرنا قد تصرّمتْ .. يا قاتلي
من عهْد روح الله سيّدي العظيم .. عيسى الرسول
حُلْو الشّمائل .. زين المحافل
وأمه البتول
عشرون قرنا ثم خمسة
مذ جاء بختنصر عاصفة من بابل
يهدّ هدّا .. كالقضاء النازل
عشرون قرنا ثم سبعة
من عهد سرجون بن آشور ممزق الجحافل
وعدت يا خؤون آخر الدهور لي
تغلي علي غلي ألف مرجل ومرجل
قرن مضى منذ هرتزل .. عراب بازل
محرق المنازل .. مرمل الأرامل
وأنت يا خؤون منشب ..
أنيابك الصفراء في مقاتلي
في وفي شعبي وفي بيتي ..
وفي حقلي .. وفي سنابلي
مدججا بالوغد بلفور .. وثلة الأراذل
يطرحني أرضا لكم .. يدق أعظمي
يدفنني حيا .. محطما فمي
تَهْدي لأهْل قرْيتي
كوْمًا من الجماجمِ
بِحِفْنةٍ من الشّواقِلِ
ثمّ أتيْتني مدجّجا .. بقيْصر القياصرِ ..
من غائب وحاضرِ
ذي الهيْلمان الهائلِ ..
فقال لي .. وقال لي .. وقال لي
انْظر إلى أناملي . . بِخُنْصُرٍ وبُنْصُرِ
وإذْ بذلك التّعيسِ الجاهلِ ..
يلْهو بأزْرارِ الدّمارِ الشّاملِ
سبْحان من يُداول الأيّام في بني البشرْ
أصْبحْتَ فرعون الزمانْ يا عاشق البقرْ
أصبحت قارون الزمان يا آكل البشرْ
أصبحت جالوت الزمان أعمى من البطرْ
أصبحت يا كوهين . . هولاكو التّترْ
أمّا أنا
فإنّ قرْآني هنا وفي يدِي هذا الحجرْ
ورثْتُ في المِحْراب .. عن
جدّي أبي حفْص عمرْ
مقْلاعَ داود الذي
رمتْ به يدُ القَدَرْ
والحجرُ الذي به
دماغ جالوت انْفجرْ
لا .. ما وصلْنا -بعدُ- ياجالوتُ .. آخر السّفرْ
وهاربٍ من حتْفه
غشّى الخُمارُ أعْيُنَهْ
كأنّهُ غِرَارَةٌ
مِنَ الشّعِيرِ مُنْتِنَهْ
سُلَّتْ عليْه من علٍ
مَذَلّةٌ ومَسْكنهْ
تغوص في فؤاده أسنّةً مسنّنهْ
وجَلْجَلَتْ (ليبعثنّ) ..
خلْفه .. كيْ تطْحنهْ
أوَى إلى جبّانةٍ من الحروب مثْخَنهْ
فشادها مستوطَنهْ وقلعةٍ محصّنهْ
بَريدها مِجَنّةً
من الرّدى ألْفَيْ سَنَهْ
وما درى أن الرّدى
ألقى به في المِطْحَنَهْ
يا علْقمهْ ..
ومَنْ وراء علْقمهْ.. وجدّ جدِّ علَقمهَ
جيش محمّد هنا
ويوم خيْبر اقْتربْ
ولنْ تضيع قدْسنا
ولن يُهَوَّد العربْ
---