سَهم ُ المنيّة - خالد أبو حمدية

الى روح والدي في مراقيها الخضراء

*

ودّعتهُ فبكـت في كَفيّ الخمـسُ
والقلب ينزفُ والعينان والنفـسُ

ودّعتهُ وصـدى الأنـّات في فمِهِ
ما فارقتـهُ فكم أقدارنا تقــسو

ودّعتهُ قمـراً قـد راق مطلعـهُ
في حلكـة الدهرِ فهو النور والأنسُ

يا سيـدي وأبي ما تلك مـرثيتي
فأنت حاضرنا والغـد والأمسُ

وأنـت في سـفر الأيـام شاطئنا
لو ماجَ بحرٌ على مينائِه نرسـو

ما ودّعتك عيـون النـاس طائعةً
فكيف عيني التي دمعاتُها خرسُ

شوقاً أبوحُ فهل في ذاك من شجنٍ
وهل بُعَيـدَ يباسٍ يُرتجى غَرسُ

أدعوا عليكَ أيا تشـرين لا لمعت
نجماتُ ليلك أو ضاءت بـك الشـمسُ

ففـيك بهجتُنا انفاسـُها زهقت
ذات اصطباحٍ وحلّ الحزن والنحسُ

سهـمُ المنيةِ ما أخطـى طريدته
ولا استراح بتلك الرمّيةِ القوسُ

لله نفسٌ غـدت في الله راضيـةً
وإنْ طوتها دروب البينِ والرمسُ

فيـك العزاء فهل في غيركم خلفُ
يا روضةَ الطيب يَسقى زهرها الحسُ

يا شيبـةً شرُفـت لا الليل يغلبها
ولا الترابُ فقد صابَ العُلى الرأسُ

فالذكريات صراخُ الشوق في دمنا
تجتاحُنا بأنـينٍ جمرهُ الهَمـسُ

فكم نذوبُ حنيـناً إن هفا لكـمُ
خفـقُ الفـؤادِ ولا يغتالنا اليأسُ

بكتك كل دروب الخير يا رجـلاً
يرعى فلسطين فيه الحٌلّمُ والحدسُ

بكتكَ حـتى لمحتُ الدمـع محترقاً
فالباكياتُ خليــل الله والقدسُ

يا أيهـا الحسنيّ العرق ذا شـرفٌ
في الأصل ليس يرى في ذاتهِ لَبسُ

فليـس يحرم من كانت لهُ رحـِمٌ
بسيد الخلق أو يَرمي به البـأسُ

يا ابن الخليل تراها اليومَ قد قربت
والروحُ أعتقها السجان والحبسُ

كأنها أبـداً ليـلاك مـذ نزحت
عنها خطاك فَزُرْ ليلاك يا قيسُ

عليـك رحـمة ربي ما بقي ملكٌ
يسبحُ الله فـي الأفلاك أو انْسُ

حـوضُ المنيـةَ وِردٌ لا مناصَ لهٌ
وكـلُ نفسٍ لها من مائِهِ كأسُ.

*

"وقال لي إنّما خاطبتُ الحرف بلسان الحرف، فلا اللسان شهدني والا الحرفُ عرفني"

"النفَّري"

"أنام ملء جفوني عن شواردها

ويسهر الخلق جرّاها ويختصمُ"

"المتنبي"