عَبثاً تَدُقُّ - خالد أبو حمدية

فلا تعاند خَفْقَك المطويَّ
لا تجنَحْ لنجمكَ
منتهى الأسرار مقروءٌ
ومفضوحٌ ببرقِ العينِ
حينَ تجرُّها الذكرى
وتهدلُ
بالدموعِ الخرسِ
مثل الحزنِ
والأشجانِ
في نوحِ
الحمامَةْ
عبثاً تَدُقُّ
وتجتوي
لتردني عن خفقةٍ شَرَدَتْ
مع الغيم البعيد
إلى بلادٍ صار فيها
مَلْمحٌ لوجوهنا
جذرٌ يُعَلّقنا بطينتنا
التي جُبلَتْ هناك
وأودعتنا بعضَ طيبتها
فلا ....لا
لا تقولي عابرٌ
هذا المُدلَّلُ في الحنايا الوالهاتِ
بهاءُ وجهكِ
والصفا
منذ التقينا
قبل هذا الطين يأخذ شكلنا
يمشي بنا..
فالعمرُ مرتهنٌ ومحسوبٌ
بما نرعاهُ
من وردٍ
ومن أشياءَ
تُخْلَقُ مستهامةْ
حسبُ الهوى
الاّ يكون على المدى
رهنَ انطفاء العينِ
إنْ تعبت من التطوافِ
والسهر الثقيلِ
فحسبُها ..
يا عِطرُ
يا تسبحةَ الشهد المعتّق
في عيون ا لوردِ
في شفةِ البراعمِ
في العروق الخضرِ
في اطلالة النّوار
أبيضَ،
يجتلى
فجرَ الكلامِ الحلو
والنسماتُ تسري كُلُّها استحياءُ
إنْ دفقتْ
وأن كَتَمت
تَرِقُّ
وتختفي
كالكحل في ليل العيونِ
يغازلُ الأهدابَ
يُلْبسها العناقَ
فتستريح
وتنطفي بالدمع نيرانٌ
تُبَرُدُها شتاآتُ الملامَةْ
كلمتها ..
سكتت ..
فَصَمَتُّ
لا أنوى الكلامَ
كأنّ الصمتَ أحياناً يجرِّعُنا الكتابةَ
كي نَفورَ
ويختفي ..
يا سيدي
يا شِعرُ
يا مولى القصيدةِ
رُدّني
جَمَحَ الكلامُ
وأغمضَ العينينِ عما نشتهي ..
أشياؤنا بَهَتَتْ
وَلَمْ تبقَ التفاصيلُ الصغيرةُ
قيدَ أعيننا
نحاورها بأطرافِ الأصابعِ
كالظلالِ النافراتِ
على الجفونِ
وفي عروق اليّدّ
كالعمرِ المحاصرِ
فوق نار الوجنتينِ
بحجم
شامةْ
يا لوزَةَ العشرين
كف الأربعين غشومَةٌ
لمّا تعاقِرُ هذه الأنفاسَ
إن هجمَ الخريفُ على استفاقتها
وخرَّبَ ما تبقىا
من زهي العُمر
فوق الوجنتين
وفي الجفونِ .....
تطاولي
انتصفَ السوادُ
من السوادِ
اسّاقَطَتْ أوراق ما فينا من الخفقات
ثم تبعثرت
تحت الخطُى
عمراً،
وفجراً ناشفاً
الريحُ تكنُسُهُ
ولا تُبقي على الشفتينِ
غيرَ أصابعٍ
نَصَلَتْ
ولم تَجد الخلاصَ
مع الندامةْ
لو تنصفُ العينُ اختلاجات الرؤى
في الروحِ
حين تَشُفّ
حينَ تفيضُ ..
ما كنّا اختنقنا بالجفونِ
المسدلاتِ،
ولا أختلفنا مرةً
بالهدبِ
حينَ يَرفُّ أطولَ
في الفَضا
هو لم يكن رهن الظلام،
نَدِيمَها،
بل كنت وحدي
لا أرى
لما لمحتك غافل البرقُ
انبهاري فيكِ
أطفا نورَ عيني
كي يراكِ
جديرة بحلاوة الإبصار
لماّ تُعتمُ الدنيا
على عَتَماتِها
وَيطُلّ بدرُك مغرماً
بالشيبِ يضحك
تاركاً جوّاي
دمعتها وعينيها
علامَةْ
هو لم يكن قيد السواد
فَهَجْعَةُ الألوانِ تَشْربُها البواطنُ
حين نُغمضُ عَينَنا
ونُحيّدُ الألوان عن شُرفاتِها
كم نحن متفقانِ
أنَّ البحر أزرقُ
والّسما زرقاءُ
والعشبَ الخفيفَ
يميلُ أخضر أو يذوبُ
وفي الشرايين الدّما حمراءُ
والكلماتِ أشجارٌ
تُخبئ بوحنا بغصونِها
فرحاً
على مرمى البُكا
نغماً
عصافيراً تصفق للندى والنورِ
والزغبِ المُطلِ
قبيل يستوفي
تمامهْ
كم نحن متفقانِ
لا تخفض جناحَك للقصيدةِ
أوّل الريح إنتشاءٌ
بين أجنحةِ الهبوبِ
كما الهوى
في أول الخفقاتِ
دفءٌ تحت طيّات
النعاسِ
يحرّشُ الأحلامَ
يُنبتُها على أرقٍ
تعمّد أن يخونَ الليلَ
كي يخفي كلامَهْ
كم نحن متفقانِ
منذُ ضلالتينِ،
على جلاءالوجهِ تختصرانِ
زُهدَهُما بسلطانِ النعاسِ
تُغنّيانِ الشوقَ
مذ جفت دمُوعك
والهديلُ على بياض الريش
وأنتفض الحمام
فَخَلّ لي حُلُما
فإنّي
لم أجد شجراً أحاوره
على مَيْلِ الفصولِ
ولم أتعربش الأغصانَ
لكنيّ
تَثنّتْ في أضلاعي
فَدَرْبُ الحّب
ما فيهِ استقامَةْ
جَفّ الهديل على الفضاء
وذي الأبراج عاليةٌ
ولي إنْ قَصّرت خطوي
يدانِ تلّوحان
فلا تبوحي بوحك العالي
لألحقَ فيك
إنْ لملمت أشلائي
وطرتُ
فأفق أجنحتي
يَطالُ شراعك المنصوبَ
مثل السَهم
في قلبي إلى يوم
القيامَةْ
هو لم يكن أعمى بها
وأنا تقصدت العمى لأراكِ
أقربَ من مزار العين
في الأشياء
من حُجُب الجمالِ اذا تَكشّف
سِترها
هِيَ
حصتي في الحظّ عمياءٌ
فلا تَعْبث بنا
عبثاً تَدق
وأنت في عَقدِ الدّما،
من أنت
يا فرسَ الرهافةِ
كي تطيرَ،
وُتْطلق الخطوات ريحَ مسافةٍ
إن رُحْت تقدحُ
باشتياقِكَ في بواكير
الكرىا
بين الحلاوة والمَرارِِ
تَميلُ مَيلَ السَروِ
لا تحني لعصفِ الشوقِ
في جنبيك هامَةْ
زمن حَرونٌ
لا ينافِقُ غفلةَ الأضدادِ يا قلبي
فملحُ العينِ
موقوفٌ على الحسراتِ
لا يسري بنشوة ناظريها في البعيدِ
إذا أنا حصّنتُها بخراب أضلاعي
وقلت
تَشَوَّقي ..
و تَشَوَّفي ..
ما للجفونِ
على جمارك أطبَقَتْ
كلمتها
سَكَتتْ
ورجعتُ ثانيةً لَها،
غازلتهما
اشتَعَلت ..
فلم أصبر
وَعلَّقْتُ الشفاهَ على الجبين
فما تغشّتها يدايَ
وكُلُّ مسامَةٍ
في الوجهِ أجْرَتْ ماءها
دوني
فما أبصرتُ غيري
قُرْبَها
لكنني أحْسَسْتُ
بين أضالعي
سربت غَمامَةْ
ذابت بأوصالي
ولَفّتْ كل صحرائي
البعيدة
كاليمامةْ
خَسِرتْ عيونُكِ
لو
كلانا لا يرى
عيناكِ غافَلَت الحروفَ
وصالحت أهدابها
هل تلمحين
بَحَدّ الصمت أوراقي
تنوسُ بجبرها
تتعلقين بصبرها
.
.
.
هل تسمعين نَشيجَها
.
.
تتعلّلُ الأوراقُ فيكِ
فلا تردّي بوحها
غَرّبْتِني
وأنا الذي أسلمتُ نبضاتي
ضلوعَك
ثم أرخيتُ الشجونَ
ورُحتُ أودعك
السلامَةْ
يا ظبيةً خَفّت على ماءينِ
مختلفين
عندي بَحْرُها
تطفو عليهِ
وتَقََْطعُ المرساةَ
إنْ مَدٌّ
وإن جَزرٌ
فلا الأمواجُ تغرقني
ولا صنّارةٌ في القلبِ
تَشْبُكُني
فنامي
ملء هذا البحر فيَّ
توَرّثي الأسرارَ
منذُ كتمتها ..
ولآلئي
واستبق لي سهري
ففي كفيك تأتلفُ
الموانئُ كلّها
وعلى اشتها عينيكِ
داخ الليلُ
مختصراً ظلامَهْ.