ذكرى الهجرة النبوية - عبدالرحيم محمود

يوم مجد فات ما أجمل ذكره
فيه لو نفطن آيات وعبره

فيه أن الحق إن حصنه
قادر لم يستطع ذو البطل هدره

فيه أن الفعل أجدى للفتى
مم كلام ما عهدنا قط أمره

فيه أن المال والأهل إذا
لم يجودا ضحيا من اجل فكرة

فيه إن هم الفتى فليقتحم
لا يخف ضحضاح ما ينوي وغمره

شرعة علمناها المصطفى
ليتنا نمشي على شرعه إثره

فليحل السيف ما عقده
غادر بيت للأوطان غدره

ليس مثل البطش في الدنيا فكن
باطشا يرهب أهل الأرض شره

ضيع المضعوف لا ظفر له
ونجا المضعوف لو طول ظفره

ودموع الذل ما رق لها
قلب ظلم إن قلب الظلم صخرة

قوة المرء له حجته
وهي إن يظلم تقف في الناس عذره

" وأعدوا " لم يقلها ربكم
عبثا فلتحسنوا في " الذكر " نظره

لم تكن هجرة طه فرة
إنما كانت على التحقيق كره

كانقباض الليث ينوي وثبة
وانقباض الليث في الوثبة سوره

ورمى في السوح أبطالا لهم
فوق سوح الموت تمراح وخطره

وانجلى العثير عن هاماتهم
كللت بالغار من مجد وفخرة

نصروا الله فلم يخذلهمو
بل جزاهم ربهم فوزا ونصرة

فمشوا في الناس نورا وهدى
وبدوا فوق جبين الدهر غرة

ركزوا أرماحهم فوق العلا
وحدى الحادي بهم عزا وشهرة

وأتينا نحن من بعد همو
وأضعنا ما جنوا طيشا وغرة

يثغر السور علينا ونرى
ثم ر نرتق بالأفعال ثغرة

ونرى الماكر في أمجادنا
ثم لا نفسد للشقوة مكره

ونرى حد حمانا ناقصا
كل يوم شطرة من بعد شطرة

ولنا في كل يوم قالة
فأرونا فعلة في العمر مرة

لا يصون الحد إلا حدة
ويذيب القيد إلا نار ثورة

ومذاق الموت أحلى في الوغى
من حياة ضنكة في القيد مرة

ونفوس الخلق أعلاها التي
إن تعش عاشت وماتت وهي حرة

لا تقولوا ما لنا من قدرة
إن تريدوا ينخلق عزم وقدرة

إن فيكم لبقايا طيبات
لم يزل في الدم مجراها وخيره

فانهجوا نهجا قويما واعملوا
واعملوا لا تبخسوا " مثقال ذرة "

ما أضر الشعب كاليأس فإن
يئس الشعب يكون اليأس قبره

هكذا نقضي ولم تبدر لنا
غضبة في حقنا أية بدرة

ولنا ثأر على الناس وما
نام من يطلب أن يدرك ثأره

~*~*~*~*~*~

هاجر الهادي إلى رجعى فإن
نحن هاجرنا فماذا بعد هجره؟

قد خرجنا أمس من أندلس
ودخلنا بعد في نيران حسره

وإذا نحن خرجنا في غد هل
يحن الناس للأقصى بزوره؟

لا يخاف الناس إلا ظالما
فاظلموا كونوا ذوي بأس وجسرة

ليس يحمي الحق إلا فتكة
ويعيد فينا غير قسره