سأعاتبكِ كثيراً يا أُمّي - عزالدين المناصرة

كلّمتُ البحرَ ... وما ردَّ عَلَيّْ
كلّمتُ العصفورَ الأزرقَ،
حين تباطأَ فوقَ صخورِ البحرِ،
وما ردّ عليّ.
جرّحتُ القنديلَ البحريَّ
وما ردَّ عليّْ.
كلّمتُ الجسدَ المرميَّ، وراء المتراسِ،
وما ردَّ عليّْ.
كلّمتُ حبيبي ﻓﻲ القبر المجهولِ،
وما ردَّ عليّ.
يفترشُ الزعترُ ﻓﻲ الليلِ، عباءتَهُ،
فوق العشب الأصفر.
يملأ كأساً، ﻟﻢ يشربْ منها، أحدٌ من قبلُ،
ولن يشربَ أحدٌ منها، من بعد.
يشربُ كي ينسى.
الزعتر، قابلني ﻓﻲ المشفى، مجروحَ العينينْ.
الزعتر، قابلني ﻓﻲ الشارع، يطلبُ دعماً وصموداً
من بعض لجان الدَعِّ ... الشعبية
الزعتر كَبَّرها،
قالت طبقاتُ صراصير المقهى،
الواقعِ،
ﻓﻲ الجهةِ اليُسرى،
من مزرعة الأرقام المهجورةْ.
- يتثاءبُ ﻓﻲ المقهى
ويغازلُ قرداً مربوطاً ﻓﻲ شجرة بلّوطٍ،
زرعوها من سنةٍ مرّتْ،
قبل الحرب الأهلية ﻓﻲ بيروتْ.
سأعاتبك كثيراً يا أمي
فالحق، الحق، صموت.
- يحمل قنبلةً، ويبيع البنزين المغشوشَ،
الوهمُ الأصفر، عضوٌ ﻓﻲ كل لجان الدعِّ ... الشعبيةْ
ينفخُ غليوناً من خشب الزيتونْ.
- سأعاتبك كثيراً يا أمي.
- يجلسُ فوق الطاولة الزنجية، أرجيلتُهُ،
تتبكبكُ،
والأوضاعُ الراهنةُ على مقربة من قدميهِ،
جنازة.
سأعاتبكِ كثيراً يا أمي ... بيروتُ مفازة.
سأعاتبك، كثيراً يا أمي، قال الزعتر:
ترمين حبيبكِ ﻓﻲ البحر الأسود، والميت، والأحمر.
ﺛﻢ تقولين: اسبحْ ﻓﻲ البحر الأسود والميتِ،
وتمخترْ.
سأعاتبك يا أمي.