ذَهَبَ الذين أحبّهم - عزالدين المناصرة

جاء الشتاءُ وأنت ترتادين آفاق الشتاءْ
ورأيت أشجار العذاب تطلُّ من قلب المساء
لا حَوْرَ، لا صَفْصافَ، لا زيتونَ، يرفع رأسه نحو السماء
لا قلبَ جدتي العجوزْ
يدعو بأن يهمي المطرْ
خُطواتهمْ فوق القبور الصامتات ... وجدّتي
تمشي أمام الدار، تصرخ: يا ذئابْ
قوموا، ارحلوا، كَثُرَ الذباب.
يا أهل وادينا
ماذا بأيدينا
نبكي روابينا
لو تنفع الأشعار !!!
ويردّني شبح الشباب عن البكاءْ
أين المدائن غاضبات ؟!!
كنا نُنَثْوِرُ خبزنا الطاغي لكلّ الكائنات
كنا جبالاً راسيات.
سرنا ﺇﻟﻰ البعيد يحثّنا الركْبُ
وتركت رَبْعكُم الحنونْ
حتى إذا وصل المغني ﻓﻲ تقاطيع الغيومْ
شُفْنا نجوم القدس، مُسْبَلَةَ العيونْ
(وتلفّت القلبُ).(1) *
ويمر تحت السروتين مُغنيّا:
هل مر تحتكما أليفي
يبكي فَيَنشَغُ دمعهُ،
والريح تنشجُ ... والمطر
يهمي على القصر المنيفِ
هل مَرَّ تحتكما وَليفي ؟!!
ﻓﻲ الليل يرتدُّ البكاء المرُّ منهمراً ﺇﻟﻰ صدري
وطني يضيع ولا أقول:
آهٍ ... من الليل الطويل
لو كنتُ أملك أن يَرُدّا
( ذَهَبَ الذين أحبهمْ
وبقيتُ مثل السيف فردا ).(2)**
____
(1) الشريف الرضي.
(2) عمرو بن معد يكرب.