الأرضُ تندهنا - عزالدين المناصرة

كُنَّا نجرجر خطونا، كانوا يجرُّون النساءْ
الأرضُ تندهنا، فلا نصغي ﻟﻬﺎ
كنّا نموت على الجسور، نغوص ﻓﻲ طين البحيرةْ
كنّا نغنّي فرسخاً حتى تجفّ حلوقنا،
حتى يضيع كلامنا،
كنّا إذا اشتدَّ الهجير، نَهُزُّ أكتاف الصخورْ
كي يطفح البحر الذي يروي العطاش
ليُولول الصمت المريرْ
إلاّ من الآلام تقرع ﻓﻲ سما القدس العتيقة
الأرضُ تندهنا فلا نصغي ﻟﻬﺎ.
لا تندهي فيروز
إنّ الليل ﻓﻲ هذي الفصول يطول يصبح كالردى
لا تندهي فالذئب ﻓﻲ كل الدروب
وأنا وأنت نصيح ﻓﻲ الدنيا سُدى
(( لا تندهي ... ما ﻓﻲ حدا )). !!!
خَفَرُ السواحل قد تنحّوا عن مواقعهمْ
وأنتمْ تلهثون
فلتحملوا أجسادكمْ ولتقطعوا النهر الحزين
لكن حذار من الجنون
فلقد حرقتم جسرَكُم، وقطعتموهُ ﺇﻟﻰ الرمال الصُفرِ،
بحثاً عن كفنْ.
الآن أبصر شعرك المنثور، تحجبه السجونْ
وتُسائلينَ القفر عن دير الغصونْ
جرحتْ خناجر البراري وجهه ... والآخرونْ
يتلجلجون ... يفتّشون
عن ذلك الولد الذي دفنوه ﻓﻲ صمت الجهاتْ
قطعوا يديه، ومزّقوا أشعاره، ورموه ﻓﻲ الأرض الموات.
- تلعب الذكرى، يهيجُ الزنبق البريُّ،
والنعمان يروي عن عشيّات الحمى
ينفر الديك إذا شام دمي ﻓﻲ القفرِ،
يرتدّ عن الزهو، غريباً مُرغما
لتصيح الريح ﻓﻲ تلك الخرائبْ
ويقيم الحزن فيها سُلَّما
وهي تهذي للجنود القادمينْ
عن زمان السلم والحرب، وتستجدي الكتائب
راجعاتٍ من بلاد الصين ... يحملن الغرائب
كانت الريح صَبيَّة
ﻓﻲ البراري الأُمويَّة
عندما سار أمير الفتح للأرض البعيدة
حاملاً سيفاً ورمحاً ... وعيوناً مَغربيَّةْ
حاملاً قنبلة الوجد ورمَّان الصدور الساحلية.
مع هذا كنت حقاً أرتعدْ
مثل ديك الجنّ مذعوراً من الذُعرِ،
على سطح البلد.
- كنّا نجرجر خطونا، كانوا يجرّون النساءْ
الأرض تندههمْ كفرقعة الرصاص
كنّا نعود مع الصباح المُرّ أطفالاً أصابهُمُ النعاس
وتكسّرتْ نظراتهمْ، حتى إذا
ذكروكِ يا أرض الغِراسْ
حتى إذا ذكروكِ ... حَنُّوا للقصاصْ.