تهويمة صوفية - فدوى طوقان

أي لحن مسلسل رقراق
راح ينساب في مدى الآفاق

أيقظ الكون حين منبثق الفجر على غمرةٍ من الأشواق

وإذا الحب ملء هذا الوجود الرحب يسري في روعة وانطلاق

وإذا الكائنات يغرقها الوجد الإلهيّ في سنى الاشراق !

السموات من حنين ووجدٍ
خاشعات خلف الغيوم الرقاق

والجبال الشّماء تشخص نحو الله سكرى في ذهلة المشتاق

وندى الفجر في الرياض الحوالي

أدمع الشوق رقرقت في المآقي

كلّ ما في الوجود من روعة اسم الله في نشوةٍ وفي استغراق !

أي لحن مخلّد سرمديّ
من لحون الآزال و الآباد

أي لحن قد صيّر الكون أغرودة حب رخيمة الإنشاد

يا لهذا النشيد تنطلق الأرواح فيه من ربقة الأجساد

يا لهذا النشيد أوغل في أعماق ذاتي محطّماً أصفادي

يا لقيدي الارضيّ يسحقه اللحن ويذروه حفنةً من رماد

وإذا الروح في تجرده يسمو مشعّاً كالكوكب الوقّاد

عانق اللحن مصعداً وتوارى يتخطى شواسع الأبعاد

غارقاً في صفائه ، قد تغشّته غواشي غيبوبةٍ وامتداد

كلّما رنّ في السكون صدى تسبيحة الله رائع الترديد

و سرت في الأثير الطهر و أوغلن في الفضاء البعيد

أهطعت أنفس و ذابت قلوب
يزهيها الفناء في المبعود !

و تسامىالشعور يلهب فيها
خلجات الأيمان و التمجيد

يا لهذا الصفاء ..يا لتجّلي الله .. يا روعة الجلال الفريد!

لكأني بالكون يهتف : يا رب ، و يمضي مستغرقاً في الشرود

لكأني أحسّ و شك اتصالي .. لكأني أشم عطر الخلود!

أنا يا رب ّ قطرة منك تاهت
فوق أرض الشقاء و التنكيد

فمتى أهتدي الىمنبعي الأسمى و أفنى في فيضه المنشود

ضاق روحي بالأرض ،بالأسر ،بالقيد ،فحرر روحي و فك قيودي

ضمني ، ضمني ،فقد طال انفصالي ،و طال بي تشريدي