أنشودة الصيرورة - فدوى طوقان

(1967)
منهم من كانوا أطفالا
ما كبروا بعد
أفراخ عصافير صغيره
ما زالت بالعين المبهوره
ترنو وتحدق في الأشياء
في قمر يسطع، في شعله
في رش رذاذ تنعفه نافورة ماء
في قط يربض .. في عصفور ينفض أجنحةً مبتله
يتلفت ، يجفل، يخطف ظله
ويطير إلى ذروة نخله!
منهم من كانوا صبيه
تحرف الشيطنة وتلهو بالألعاب الناريه
تطلق في الريح الغربيه
سرب الطيارات الزرق الحمر الخضر القزحية
تتأبط كل شقاوتها في الأرصفة وفي الساحات
تتشاكس تقفز تصفر تركض تحت عقود الدور الرطبه
تتراشق بالنكت العفوية
بقشور الفستق والضحكات
تتبارز بالأغصان الصلبه
تشهرها سيفاً أو حربه
تتقمص شخصيات كفاح أسطوريه
عنترة العبد الباحث عن حريته في درب الموت
عز الدين القسام الرابض في الأحراش الجبلية
عبد القادر في " القسطل"
يحيا ويمارس عشق الأرض
منهم من كانوا مضغاً بعد
ترقد في الأرحام أجنه
وجه حزيران أربد
زخ المطر الأسود
وهناك على أطراف الأفق هوت وتعلقت اللعنه
حين جراد القحط اندلق سيولا من خوذات الجلد
الأرض تميد تميد وتسقط يبلعها طوفان الحلكه
يعبر نهر الزمن عليها بالخطوات المرتبكه
يزحف ، يرجع أو يتجمد
(كان النهر وراء الأفق حصاناً يعدو
تشتد على شطيه "الحركة" )!
(1976)
كبروا في غاب الليل الموحش، في ظل الصبار المر
كبروا أكثر من سنوات العمر
كبروا التحموا في كلمة حب سريه
حملوا أحرفها انجيلا، قرآنا يتلى بالهمس!
كبروا مع شجر الحناء وحين التثموا بالكوفيه
صاروا زهرة عباد الشمس
كبروا أكثر من سنوات العمر
صاروا الشجر الضارب في الأعماق الصاعد نحو الضوء
-الواقف في الريح الهوجاء
صاروا الصوت الرافض صاروا
جدلية هدم وبناء
صاروا الغضب المشتعل على أطراف الأفق المسدود
يكتسح صفوف مدارسهم