أسطورة الإنسان الحجري - محمد الأسعد

حين ثار بركان جبل " فيزوف " وطمر مدينة " بومبي " الرومانية ،
خلف على السفح إنسانا ً متحجّرا ً يتساقط عليه المطر في كون مهجور .
سيكون ُ عصر ٌ
أو عصور ٌ
مثلما احتضن َ الرماد ُ رماده ُ
والأرض ُ ذكراها
يكون ُ حجارة ً زمني
وسيلا ًمن رمال ٍ
يمنع ُ السنوات ِ أن تأتي
وأن تمضي
أكون ُ متاهة ً
لغزا ً أغطّي
بالرموز ِ
حدائق َ الأحياء ِ
عرّافا ً
تحجّرت النبوءة ُ في دمي
والأرض ُ ...
أين الأرض ُ والغزوات ُ والقتلى
وأصوات ُ السنين ِ
متاهة ٌ زمني ،
لتأت ِ الريح ُ
تُسرع ُ بين خنشار ِ السفوح ِ ،
تدور ُ فوق عوالمي
شمس ٌ
تهينم ُ نسمة ٌ
ليل ٌ بلا فجر ٍ
يغطّي كل ّ شيء ٍ
ثم تخبو صرخة ُ الإنسان ِ
لاوقت ٌ
ولا طرق ٌ
تقود ُ إليّ أو منّي
أنا عصر ٌ
عصور ٌ
مثلما اندفعت ْ
عصافير ُ الطفولة ِ في الزمان ِ
ومثلما احترقت ْ
بأعماق ِ الفضاء ِ كواكب ٌ ...
موج ٌ يئن ُّ
ويلطم الشطآن َ فوقي
نأمة ٌ للعشب ِ
أغنية ٌ ...
أعصر ٌ آخر ٌ ؟
حضن الرماد ُ رماده ُ
والصخر ُ أصوات َ السكون ِ
كأنني أصغي لظلّي
عابرا ً
للطير ِ يعلو في سحيق ِ العمر ِ
للإنسان ِ
يمسك ُ صخرة ً
ويجوس ُ بين خرائبِ الأسلاف ِ
للطرقات ِ في مطر ِ الربيع ِ
كأنني بيت ٌ
تطوّقه ُ الأيائل ُ
حين ترتطم ُ الصخور ُ
وأسمع الخطوات ِ من عصر ٍ
إلى عصر ٍ
ترفرف ُ خضرة ٌ في مقلتي َّ
يرفرف ُ الماضي
نحيب ٌ هذه الخطوات ُ
والورق ُ الذي يخضرُّ
لاشمس ٌ ولا شكل ٌ
ولا همس ٌ
سوى ما تهجس ُ الأحجار ُ
أو ما يحلم ُ الموتى ...
مضى أبد ٌ من الأقمار ِ
والظلمات ِ
من أعطى لهذا الوقت ِ أسماء ً
بلين ِ الخفقة ِ العجلى ؟
ومن أقصى سفوح َ القلب ِ
حتى آخر ا لرؤيا ؟
ومن قاد القصائد َ نحو وديان ِ الكلام ِ
وضيّع َ المأوى ؟
هو الفجر ُ الذي يبقى
مساحب َ من هزيم الرعد ِ
في الغابات ِ
لن تبقى
سوى الريح التي عصفت بنا
وأيائل ٌ خضراء ُ في غسق الوجود ِ
كأنها ذكرى ...
مضى أبد ٌ
وتمطر ُ كلما ارتعش َ النسيم ُ
وتمطر ُ الدنيا
على كون ٍ
تكّون دون أن يدري
على الكلمات ِ
والغابات ِ
والصخر ِ الأصم َّ
وسقسقات ِ الطير ِ
تحت عرائش ِ الشجر ِ
هل يسأل ُ البحر ُ الذي
يطغى عن التكوين ِ ؟
هل تبكي
طفولتها الرمال ُ
تغادر ُ الوديان ُ
هل تسعى ؟
ألا ما أبعد َ الشطآن َ عن مأواي
حين أسير ُ
أو أشقى
بعيدا ً في كهوف ِ الأرض ِ
ملقيّا ً
بلا جسد ٍ على جسدي
يكون ُ مسافة ً صمتي
إشارات ٍ
مصائر َ
واقفا ً في متحف ٍ
أو غائراً في العمق ِ
أبتعث ُ الذهول ْ
وأثير عاصفة َ الدهور ِ
بكائن ٍ يسعى
على أثلام ِ سلّمه ِ الطويل ْ
ماذا أكون ُ ؟
أنزوة ٌ
مدن ٌ
حضارات ٌ تحجّر حسّها
قبل الوصول ْ ؟
أبد ٌ أنا
من أيٍِّ ليل ٍ جئته ُ
عبثا ً ينقّب ُ خوفك َ
في بياضي
أو سؤالك ِ في مداي
غادرت ُ أسمائي
وغادرني
سواي
من كوّن َ الأيام َ
من أسرى بهذا البحر ِ
من أوحى
لهذا الصخر ِ أن يبقى
وتبقى النار ُ ؟
أحلم ُ مثلما هتفت ْ رياح ٌ
أو تضاءل َ كوكب ٌ
في ليلِ أعماق ِ السديم ْ
عبثا ً تفتّش ُعن مساري
أو ضيائي
إنني حجرٌ
تراقبه ُ
وأنت َ تذوب ُ
في مطر ِ الفصول ْ