أبناء الأرض - محمد الأسعد

نشيـدٌ من أجـل أطفـال شـاتيلا
قالوا قصائدهم لأنفسهم
وبقيت َ مشتعلا ً
قالوا مواعظهم لأنفسهم
وبقيت َ محتكما ً
لألواح ٍ من الصلصال ِ
تشبه ُ خبزك َ اليومي ّ
من ألف ٍ ومن ألف ٍ
من السنوات ِ
منذ اليوم ِ أنت َ نشيدنا
ورموزك َ العهد ُ الجديد ْ
يطوي المسافة َ
حكمة ً قروية ً
تتأجل ُ الأزمان ُ فيها
والبنفسج ُ والورود ْ
من قال َ أن الثورة َ الحمراء َ
ترحل ُ باتجاه ِ البحـر ِ
جارية ً تمر ّ على موائدهم ؟
روحي ترف ّ ُ على المياه ِ
لتوقظ القتلى
وعشاق َ الحياة ِ
وشهوة َ الميلاد ِ
من يشهد سوى الشهداء ِ
حتى آخر الأبد ِ الأبيد ْ ؟
أنت َ النشيد ُ
وبيتنا الطينيّ
ثوب ُ نسائنا القرويات ِ
لثغة ُ طفلنا
في آخر الوقت ِ الحزين ِ
سويـّة ً نأتي
وننهض ُ للقيامة ِ والحروب ِ
وفي الهزيمة ِ
نستعيد ُ دفاتر َ الإنشاء ِ
نبدأ ُ آية ً
ألف ٌ وباء ٌ
يبدأ التكوين ُ من دمنا
والخلق ُ
هاأحبابنا ذهبوا عميقا ً في النقوش ِ
وفي السنابل ِ
لم يكونوا يملكون تذاكر َ الموت ِ المؤجل ِ
والإقامة َ في الفنادق ِ
منذ أن كنـّا
خُلقنا للرحيل ِ بلحمها
نحن ُ الجذور ُ
وهم سلالات ُ البغايا والغزاة ْ
*
أسـرى
بقايا
بين أنقاض ِ الحضارات ِ الحزينة ِ
هكذا
في مطلع ِ الأيام ِ فاجأنا الغزاة ُ
وأسلمونا للمذابح ِ
والتجارة ِ
والمتاحف ِ
واليهود ْ
دمنا الذي يجري
وتجري فيه قطعان ُ الوعول ِ يفرّ
من وطن ٍ
إلى وطن ٍ
وتشربه ُ المضائق ُ والحدود ْ
في كل ّ ناحية ٍ
بقايا عالم ٍ ينهار ُ فوق شعوبه ِ
يأتي الدليل ُ
وبعده ُ
يمضي الدليل ُ
وتشرب ُ الأنقاض ُ أسئلة َ الوجود ْ
دول ٌ تهيـّئنا لأمريكا
مزارع َ
أو مقابر َ
أو عبيد ْ
هل نحن في شعب ٍ تموت ُ جذورُه ُ ؟
هل نحن آخر ومضة ٍ
في الكوكب ِ العربيّ
آخر حكمة ٍ ؟
أم نحن من يشهد ْ
على فجر ِ الوجود ْ ؟
*
الخلق ُ ماء ٌ
والأماكن ُ ظلمة ٌ
الآن أكتب ُ خلسة ً
هذا النشيد َ
ليخرج الشهداء ُ من صبرا وشاتيلا
ومن عمق ِ المغاور ِ
والسجون ْ
الآن أكتب ُ خلسة ً
هذا النشيد َ
ليهرب َ الأطفال ُ من أشعارهم
لهبا ً جميلا ً ساحرا ً
في ليلنا الحجري ّ
أغنية ً
لأرجوان ٍ من جنون ْ
الآن أكتب ُ خلسة ً
هذا النشيد َ
لأستوي بين العناصر ِ
ذاهبا ً في نار ِ شعبي
قادما ً
من نار ِ شعبي
للزمان ِ طفولة ٌ
ولشعبنا الممتد ّ من صحرائه ِ
حتى الحضارة ِ
آية ..ٌ
أن يبدأ َ الخلق َ الجديد ْ
*
لغة ٌ على الألواح ِ
طين ُ الخلق ِ أتربة ٌ
غبار ٌ
والمحارب ُ عائد ٌ في اللوح ِ محمولا ً
على الأكتاف ِ
من هذا الممدّد ُ في فضاء ِ الأمهات ِ
وبين قطعان ِ الوعول ِ
موشحا ً بالأرجوان ِ وخضرة ِ الوديان ِ
ما هذي الجموع ُ وضجّة ُ الأطفال ِ
تزحم لوحة َ التكوين ِ
تغرق ُ في الظلال ِ
فلا تبين سوى الوصايا
والنذور ِ
وأعين ِ الأطفال ِ
هل ذهبوا عميقا ً في ظلال ِ الفجر ِ ؟
من هذا الممدّد ُ
يستضيء بشعبه ِ
بين المغاور ِ والخيام ِ
وحول أطراف ِ العواصم ِ
قادما ً من نظرة ِ الموتى
ومن ليل ِ الولادة ِ
غارقا ً
في عمق ِ هذا الليل ِ
والتابوت ْ ؟
*
الخلق ’ ماءٌ
والأماكن ُ ظلمة ٌ
فلتوقظي يا أمّ نارك ِ
غادر َ الشعراء ’ قبل دمائنا
بحثا ً عن الشعب ِ الملائم ِ للقصائد ِ
غادر َ الزعماء ’
قبل دمائنا
بحثا ً عن الوطن ِ الملائم ِ للتجارة ِ
لم نجد ما يشبه الأطفال َ يا أمّي
سوى الشهداء ِ
ها شهداؤنا يستيقظون َ
ويخرجون من الحقائب ِ
والمكاتب ِ
لم يكونوا يملكون تذاكر الموت ِ المؤجّل ِ
والتحدّث عن مرايا البحر ِ والفوضى
وحجم ِ مقاعد ِ القاعات ِ
ها شهداؤنا
يتمسكون َ بموتهم
بين السنابل ِ والنقوش ِ
ودهشة ِ الأطفال ِ
والأمثال ِ
ينتظرون َ..
في كلّ الجهات ِ أوامر ٌ
بالقبض ِ
والتعتيم ِ
في كل الجهات ِ
يـُطارَدُ الشهداء ُ
يـُعدَم ُ كلّ من يؤوي شهيدا ً
أو يرافق َ صوته ُ..
الخلق ُ ماء ٌ
والأماكن ُ ظلمة ٌ
فلتوقظي أطفالك ِ الموتى
لأيام ٍ من التكوين ِتبدأ ُ
في الحصار ِ
من الحصار ِ
إلى الحصار ْ .