أفاريزُ النوِّير - محمد الأسعد

(1)
ليتني عبر هذا المساء ِ
والأشجار ِ
صورة ً مرسومة
بخطوط ٍ بسيطة ْ
(2)
أزهار ُ النويـّر ... !
زقزقة ُ عصافير ِ الدوري
تتباعد ُ
في الضباب ِ الخفيف ْ
(3)
يالهذه ِ الأشجار ْ !
لاتعرف ُ
إنها تلقي
ظلا ًّ
(4)
منذ صبانا
تتبادل ُ الأحجار ُ
والنجوم ْ
الصمت َ
والصمت َ وحده ُ
(5)
تحت رمال ِ الصحراء ْ
يسمع ُ المتوحدون َ
دائما ً
أنشودة َ المطر ْ
وهي تروي حكاياتهم ْ
(6)
بيوت ٌ وتلال ْ
وجبال ٌ بعيدة
تتذكر ُ دائما
(7)
يصغي
صاعدا ً من عمق ِ الوادي
لاينظر إلى الوراء
إلى أزهار ِ الحناء البيضاء ْ
(8)
إلى إين نمضي
في هذا الصفاء ِ الشفاف ْ
صفاء الشتاء ِ العميق
تحت أشجار ِ التنوب ْ ؟
(9)
تحت قمر ٍ صاف ٍ
يسير ُ حجاج ٌ على الطريق ْ
تاركين لأطفالهم
تماثيل الوعول ْ
(10)
لم يعد الأصدقاء يضحكون
في الحجرات ِ الخشبية المطلة على البحر
ولكن في أحلامي
أسمعهم يتبادلون الحديث ْ
(11)
أينما احمرّت ْ
ثمار ُ الصبّار ْ
وتفتحت أزهار ُ الدفلى
أكون في وطني
(12)
تحت شجرة ِ حنّاء ٍ كانت صبيّة ً
تبكي
جوعها
كاهنة ٌ بين الصخور ْ
(13)
مقهى تحت الأشجار ْ
أصوات ُ عصافير َ
ونتف ٌ من ثلج ٍ
بيضاء ْ ...
كم أحبك ِ أيتها الخضرة ْ
(14)
على مرأى من أمواج ِ البحر ِ
يسأل ُ الباحث ُ عن طائره ِ
سابئة َ الخمرة ِ
والندى
(15)
الأصدقاء ُ الصاخبون َ
في المقاهي
لم يكونوا ضيوفا ً
كانوا لاجئين َ
من ظهيرة ٍ خرساء ْ
(16)
أكتبها
وتتلاشى
بين أصابعي ...
كلماتك ِ أيتها الحقول
أحلام ٌ
لاتصلح ُ للورق ْ
(17)
بعد أن هرمت ْ أمّي
لم تعد تتعرف على الوجوه
والأصوات ...
أغانيها
هي كل ّ ما تتذكر ْ
(18)
صيف ُ المقابر المهجورة ْ
يعرف ُ
كيف يحوّل َ عجائزنا
إلى أزهار ٍ
يوما ً بعد يوم ْ
(19)
كلماتكم أيها الأجداد ْ
تسكنها الريح
تخلو من صمت قرانا
وعصافيرنا العمياء ْ
(20)
دقّات ُ الساعة
تمنحنا أياما ً مشمسة ً
وممطرة ْ
صباحات ٍ وأمسيات ْ ...
تغيّر السماء ُ نورها
والإسفلت ُ لونه
والريح وجهتها
والأشجار ُ حفيفها
(21)
أحيانا ً
تنزل ُ كلماتنا
الخراب َ نفسه الذي
تنزله خطواتنا بالأعشاب ْ
وصمتنا أيضا ً !
(22)
لايعود الأطفال ُ الراحلون
على الطرق ِ الترابية ِ نفسها
بل عاليا ً
عبر َ أغصان ِ الزيتون ْ
(23)
في الفناء
تحت َ أشجار ِ الخرّوب ْ
يسقط الظل ُّ
على وجه ِ أمّي
(24)
لم يهرب صديقي أبداً
من هذه العتمة ْ
بل واصل الرحيلَ
بأغنية ٍ
على شفتيه ْ
(25)
حين انتشى الأطفال ُ
فقدوا حذرهم
كان الخطأ
خطأ الجدران والسقوف
والسماء ِ المفتوحة ْ.