الرّاحلون .. - محمود مفلح

رَحَلْنا قبلَ أن يَقَعَ الرَّحيلُ
وتمّتْ في مَسارحِنا الفُصولُ

وكانَ لنا من الأَزراءِ سَهْمٌ
وفي مأساتِهم باعٌ طويلُ

فكم هتَفوا بنا غوثاً فطارتْ
لِنجدَتِهم قوافينا الخُيولُ

ولولا رقدةُ الأمواتِ فينا
لَما برزتْ بِسَوءَتها الحُلولَُ!

ولكنَّ الجِيادَ جيادَ قومي
أضرَّ بها معَ البطَرِ الخُمُولُ

فلا الميدانِ يعرِفها نهاراً
ولا ذاكَ الصَّهيلُ هوَ الصَّهيلُ

ويسألُ مَنْ يمرُّ بها أَهَذي
خُيولٌ للمعاركِ أم عُجولُ؟

وظلّوا ينزفونَ على الراوبي
وشمسُهمُ لِمغربها تميلُ

يذوبُ الصَّخرُ مِن وجعٍ عليهم
وتغتمُّ المرابعُ والسُّهولُ

قِلاعٌ للصُّمودِ وقد تهاوَتْ
ألا يبكي الصُّمودُ فتىً نبيلُ؟

لئن رحلتْ طلائعُهم عَياناً
إلى حيثُ التحفُّزُ والقُفولُ

فإنَّا قبلَ ذلكَ قد رحلنا
فلم تبقَ الفروعُ ولا الأصولُ

تشردتِ البلادُ بهم وإني
على ثقةٍ سيجمعهم سبيلُ

سبيلُ الله والأيامُ تجري
لشاطئه تطيرُ به الخُيولُ

يوحِّدُهم ويُطلقهم صُقوراً
إلى حيث (البُحيْرَةُ) والجليلُ

وآيُ اللهِ فوقَهم لِواءٌ
وباسمِ الله جحفلُهم يُصولُ

يشدُّهم إلى الإسلامِ جُرجٌ
وقد سكنتْ جراحَهُمُ النُّصولُ

وليتَ الطَّعنَ جاءَك من أمامٍ
إذنْ لَعرفتَ كيفَ له تكيلُ

ولكنَّ السِّهامَ أتتكَ ظهراً
وفي جُنحِ الدُّجى وَثَبَ المغولُ

تَقولُ لهم جراحُ الأمسِ هذا
طريقُ النَّصرِ ليسَ له بديلُ

أضاء لنا على الدنيا دُروباً
ووحَّدنا ونحنُ بها فُلولُ