نافذة الكهف - معين بسيسو

في مكان ينهار فيه الجناح
وتسوق الزمان فيه الرياح

ويفوح النسيان ألهثه الموت
كأفعى قد ألهثتها جراح

ويخاف السكون منه كطفل
علقت في ثيابه الأشباح

كوكب ترصد النهاية عيناه
ولا شاطىء ولا ملاّح

ليس فيه من الحياة سوى الليل
ضريرا يقوده مصباح

وصحارى من العواصف تلتفّ
عليها من اللّظى أدواح

وسماء من الخرائب تجتاح
سماء نجومها أرواح

صور من براعم الموت فاحت
في عيون دموعها أقداح

ليس تدري آفاقها من شذاها
أين يهوى المجداف والإصباح

وهي ما أورق الفراغ دلاء
وهي ما أجدب السكون رماح

***

أنا في النهر صورة كسرتها
يد أعمى خياله لمّاح

فتماسكت عالقا بظلاّ لي
وهي تطفو كأنها ألواح

وتلفتّ والرجاء غراب
ضلّ , واليأس طائر صدّاح

والمصبّ العملاق أعور كالشمس
قد اجتاح رأسه مجتاح

وحرام على المصبّ ابتلاعي
وأنا منه جدول فوّاح

فنيت قوتي ومات خريري
ودعاني هديره الصيّاح

فتلعثمت ثمّ ناديت لبّيك
وجدّفت والهوى فضّاح

وإذا النّهر والرّياح دموع
في مآقيه والخرير نوّاح

نفضته أعماقه وتغشّى
ضفتيه من الضباب وشاح

فجرى عاصفا وحوّل مجراه
شتاء مزلزل وكفاح