تَمرُّد - ناصر ثابت

تسللتُ من عالمي
وانطلقتُ إلى فجرها
كانت الأرضُ ترسلُ أنوارَها
والسماءُ مدثرةً بالضبابِ
وروحيَ محزونةً غائمةْ
ربما سيجيءُ الزمان الذي أتمردُ فيه على حبها
كنتُ أسبحُ في بحرها
وأعود إلى شاطيءِ الذكرياتِ
وأحلامِها الآثمة
أراها تمارسُ سحراً غريباً
ترددُ في كل يومٍ أناشيدَها
وأنا غائبٌ بين أحرفها
لا كلامَ سوى ما تقولُ
ولا عطرَ إلا رياحينُ ضحكتها في فضاءاتنا الحالمة
كلما قلتُ لا تذهبي
حزَمتْ كلَّ أفكارِها
واستفاقتْ مع الغضب الموسميِّ
وغادرتِ العشقَ نحوَ محطتها القادمة
كلما أقبلَ الرقصُ
أقبلَ إيمانُها بالندى
واستعدتْ لأحزاننا
متسلحةً بالغيابِ وباللغةِ القاتمة
إنها وردةُ الروحِ
تأتي إلى دفءِ حضنيَ مغسولةً بالكمالِ
وتدخلُ قلبيَ سكرى
وتعبدني فيه مفتونةً هائمة
الصباحُ الذي لا يجيءُ
يهيِّءُ كأس الغرامِ لنا
ربما تذكرينَ انتسابي إلى حلمتيكِ
ورقتكِ الناعمة
ربما تذكرينَ احتراقَ سمائي على شفتيكِ
ولكنني من تذكَّرَ أنك عاشقة ظالمة
أبحثُ الآن عنكِ
وأنت تعيثين بين ضلوعي غراماً
تزورينَ قبريَ مسكونة بالخشوعِ
وتنسينَ أنك مَن يمزجُ الحبَّ
باللوعة العارمة
أُخرجي الآنَ من هذه الكلماتْ
أريدك أن تبزغي من فراتِ السطورْ
أريدك ألا تعودي إلى البحرِ مثل النوارسْ
ألا تذكرينَ غداةَ كتبنا قصيدتنا في الفضاءِ معاً؟
ألا تذكرينَ توحدنا في معانقةٍ دائمة
إنني سوفَ أعبدُ قفزَ الحروفِ الطريةِ من شفتيكِ إلى أذني
قلتُ: "لا تسمعي ما تعوَّدَ أن يُنشدَ البحرُ"
قلتِ: "احترقْ
بالكلام الذي سوفَ أنقله عنكَ للآلهة"
قلتُ :"يا قطتي
لا نريدُ الخضوعَ لقيد الحقيقة
إن الحقيقةَ تكرهنا
وحينَ نرددها.. لن تقومَ لنا قائمة"
إغسلي كوكبي باحتراق المرايا
ولا تكذبي، فالرياحُ حجرْ
ولا تجزعي إن لثمتكِ يوما
ولم آخذ الإذنَ من أغنيات القمرْ
فإن السماءَ مدثرةٌ بالضبابِ
وروحيَ محزونة غائمة
وإني بحبك أشنقُ نفسي
على كلمات الشجرْ
وأنتظرُ الخاتمة
*
فلسطين - 24 كان ثان 2006