ركضتْ نحوي - ناصر ثابت

(إلى جنين)
*
أخذتْ حَمَّاماً
ركضتْ نحوي مثل القطةِ
كانت طازَجةً
مثل عروقِ الليمون المولودةِ كلَّ صَباحِ
جلستْ مثلَ حمامةِ دوحٍ
فوقَ حجارةِ ركبتيَ الأولى
كانت تلمع مثلَ ثمارِ التفاحِ
كانت طازجةً
تضحكُ
تمسحُ وجهيَ بالطيبْ
وتعانقُ نورَ المصباحِ
كالباقةِ
تتشابكُ أغصانُ أناملِها الغضةِ
فمُها يتخاطبُ مع إحساسي.. من داخل قلبي
تكبرُ واقفةً
تمشي بعضَ الخطوات الآولى
وتعانق في أعماقي هَزْجَ الأفراحِ
صوتُ الضَحِكاتِ سيجعلُ بيتي مثل الجنةِ
آخذ بعضَ القُبلاتِ الماسيَّةِ من أطرافِ أناملها
وأشمُّ مع الشَّعرِ خيوطَ العطرِ الفواحِ
* * *
جاءَ اليومُ المشهودْ
ظهرتْ في العينينِ الآسرتينِ طيورٌ وورودْ
جاءتْ ساعة إحساسي بالفرحِ الدافيءِ
قالتْ: "بابا..."
فتحتْ لي في دربِ القمةِ أبوابا
عاشتْ روحي نشوتَها الكبرى
وامتدَّ العيدُ أمامي لعقودْ
وجنين تعيد القولَ بكل طفولتها: "بابا.."
زرعت في عينيَّ دموعاً
من قطراتِ النورِ
رأيت الحبَّ على خديَّ بكل هدوءٍ منسابا
ورأيتُ عناقيدَ العمرِ على الأمل الموعودْ
تجمعُ من كلماتِ جنينَ رُضابا..
* * *
طازجةً
دخلتْ مثل القطة قلبي
ركضتْ
وانسابت كالكلمات البضةِ
ضحكتْ
كانت تتألق مثل الياقوتِ وتعتز بأصغرِ قدمين
تعتزُّ بثلج العينينْ
تتباهى بالعطر الآتي من تَيْنِ الكفين
لعبتْ مع وجهي
حفظت سرِّي
كتبت (بطفولتها) فوقَ الأنفاسِ
حروفاً لا يفهمها من هم في عمري
أخذتْ تتغنى برنينِ الألوانِ.. وتنهلُ من شِعري..
* * *
دخلتْ ساعاتُ مساءٍ
عبر شبابيكِ الغرفةْ
وأطلَّ الليلُ علينا
مثلَ وشاحٍ يدخلُ عبر الشرفةْ
نامتْ بهدوءٍ
كنسيمٍ مرَّ على الشَّعرِ المتألقِ.. صدفة
نامت بهدوءٍ
فوقَ ذراعيَ
مثلَ ملاكٍ يملؤه الحسنُ الرائعِ..
أعتذرُ إليكم..
فأنا لن أحسنَ يوماً.. لبراعته وصفَه
*
كاليفورنيا – 25 حزيران 2004