لا يُستتابُ مكابرٌ مغرورُ - ناصر ثابت

العمر يمضي والسنينُ تسيرُ
سيرَ السحابِ كأنه مأمورُ
وتعاقبُ الأيامِ يأكلُ عمرنا
والناس كلٌّ غافلٌ وغريرُ
ماذا تبقى، والحياة قصيرةٌ
والموتُ كالكأسِ الزؤام يدورُ
كنا صغاراً والهمومُ صغيرةً
والنفسُ فيها بهجةٌ وسرورُ
والآن أصبحنا على عكازةٍ
وصغارنا مثلَ الطيور تطيرُ
قال الزمانُ لنا: "زِنوا أفعالكم
فالشيبُ فيكم للحليم نذيرُ"
إلا لمن عشقَ الملذة والهوى
وشعارُه التغريرُ والتزويرُ
ماذا أقول له وفي أفكاره
زيفٌ، وبين ضلوعِه الديجورُ؟
إني نزلتُ بأرضِ مادحِ نفسِه
فعوى عليَّ الشاعرُ المأجورُ
فكأنه من قوله وجحوده
وغروره وغبائه شُعرورُ
ويقول إني قد زرعتُ، وزرعُه
بعد احتدام نفاقهِ سيبورُ
أتقيمُ يا هذا فِناءَ زريبة
ليسودَ فيها العاهرُ السكيرُ
أرخيتَ سمعكَ بيننا متجسساً
جمعَ المنافقَ والعميلَ مصيرُ
لا يُصلح الدينُ الحنيفُ مراوغا
وعيونه بين النساء تدورُ
فيهيمُ في هذي ويلحق هذه
ويقول إني راهبٌ ووقورُ
إن كنتَ توقنُ أن ستدخلُ جنةً
لا تعجلنْ أن تلتقيك الحورُ!!
لا تخدعنَّ الناسَ إنك ميتٌ
ومصيرُ مثلكَ مدفنٌ ..فسعيرُ
* * *
وضعَ العروبةَ في الحضيضِ جمَاعةٌ
لبسوا اللحى وفؤادهم شِريرُ
وجماعة جعلوا الصلاةَ ستارَهم
هل يستقيمُ مع الصلاةِ فجورُ؟
وجماعةٌ جعلوا الكذوبَ إمامَهم
مع أنه بين الأنام حقيرُ
هل يرفع الله الطغاةَ؟ ألم يروا
فرعونَ تدفنُ منكبيه بحورُ؟
* * *
فلترحلوا عن أرضِ مادحِ نفسه
ولتتركوه وذنبكم مغفورُ
بالله لا تتراكضوا لصلاحه
هل يُستتابُ مكابرٌ مغرورُ؟
*
كاليفورنيا - 8 شباط 2005