وقفة عند قانا - هارون هاشم رشيد

(1)
وقفت كئيبا، حزينا كسيرا
أعد الأسامي.. وأحصي القبورا
وأقرأ فاتحة للكتاب..
وأبكي عليهم،.. بكاء مريرا
وقفت.. تسمرت
ضاع الكلام،
وضاع الحديث الذي كنت أعددت
ضيعته، ونسيت السطورا
***
(2)
هنا عند "قانا"..
توقف حتى الزمان،
فما عاد يخطو أماما،
وخلفا،
تسمر، فيها، وقيد
أصبح فيها السجين الأسيرا
***
(3)
وقفت..
وحدقت في الشيخ
هذا الذي توكأ عكازه،
وعيناه ابيضتا،
وبان كما الشلو،
شيئا عجيبا، مثيرا
***
(4)
تكلم.، فاهتزت الأرض،
كادت تفجر بركانها، وتقذفنا
بالحجارة،
تلعن هذا الوجود،
وتشكو إلينا الزمان الحقيرا
***
(5)
أحقاً، أيقدر هذا؟
وكيف؟ تمر الأسامي
تلاحق، تصعقه مرة،
وأخرى، يدمدم كالرعد
ينفث صوتا، غريبا، جهورا
***
(6)
أشيخ ترى مَن أمامي،
يتلو الحديث، وينزف من قلبه،
الجرح نارا، ونورا
ترى من يعد من الأربعين،
الذين على مذبح الموت،
يوم اختطاف الصباح،
هوى نجمهم،
قُتلوا غيلة،
مزقتهم يد البغي
ظلماً، وجورا
***
(7)
أيذكر أحفاده،
أم ترى يذكر أبناءه،
عمومته، أشقاءه، صباياه،
لو يستطيع لأطلقهم، واحدا، واحدا
يزلزل باسمهم الكون،
يصرخ مستنجدا، مستجيرا
***
(8)
أحدق في مقلتين
ابيضتا من الدمع
أم من لظى الثأر،
يوقد في الصدر،
في القلب،
حقدا سعيرا
***
(9)
تسمرت،
يا شيخي المستفز،
عجزت..
شعرت بأني أمامك
صرت.. صغيرا.. صغيرا
***
(10)
فعفوك
إن كنت قصرت،
عفوك،
عفو أحبائك الخالدين..
الذين لهم سدرة المنتهى
مكانا عزيزا، أثير