قراءة جديدة في سفر التكوين - وائل أبو عرفة

1
لم أولد لأعرف كم تبقى من خفايا الروح في جسدي.
لم يكن في البدء قول.
كانت الروح تصارع نفسها.
كي تطل على الحقيقة.
وشطائر اللحم المكدس،
تقطع حبلها السري،
كي ترى النور المزيف،
لحظة، بعد اختلاء فقيرين في كوخ محطم.
صرخة كانت،
أو دمعة للقهرأو جرح تهاوى.
ثم أبعد ثم أخفق ثم أقدم.
كان للتكوين سر،
بيد أن السر في الأسرار شيطان ملثم.
كيف يمكن أن تثور الروح في جسد،
تطاول ثم في صمت حريري تبسم.
ثورة التكوين تكوين لما في الروح من أمل،
يعانق قبلة الجسد الممزق،
يرسم نفسه طفلا،
سيحبو حين تكبر لحظة التتويج،
في زمن هلامي متيم.
2
أرهقت قلبي يا أبي.
وأنا أصارع كل أمواج البحار بدون زورق.
في البدء كان القول لكن،
أي قول لا يحارب للبقاء الحر حتما سوف يغرق.
لا تقل لي وداعا يا أبي،
ما زلت أرقد في ذراعيك،
فخذني أينما كنت تحارب
حتى أعيد ملامح الوطن الممزق.
أنت في لحظة بؤس أحييتني.
ونفخت روحك في شراييني،
فلماذا الآن ترميني بلا روح ورونق.
علمتني الأسماء في كل المنافي،
ومشيت عكس مياه هذا النهر،
أبحث في مساماتي عن امرأة تعانقني،
وعن أرض أشيد فوقها قصري،
وغابات أخبىء عورتي فيها.
فلماذا الآن أخبو تحت حر الشمس،
مقهورا وأحرق.
3
لم أكن أعرف يومي.
لم أكن أدرك وقتي.
وشربت من ماء الحقيقة شربة رمزية،
كي أستفيق إلى الحياة مخلدا،
لكنني أخفيت رأسي فاقدا للوعي،
مقهورا محطم.
يا خالقي في ساعة التكوين في أرض،
سلبت جميع من فيها منازلهم.
وفاض البحر يغمرهم.
فتاهوا.
ما بين طفل يقهر الليل لينجو،
وصبي يقهر الموت ليحلم.
علهم يحيون في قلبي،
وما قلبي سوى رتل من الأمواج،
تعلو ثم تهوي ثم تعدم.
4
لم أعص أمرك يا أبي.
لكني بقيت هنا مع الفقراء،
أحمي ظهر أحبابي.
أعاند ذلك الطوفان، أرصد لحظة الميلاد،
في بيت يموت بكل من فيه،
ليخلو ثم يسقط ثم يهدم.
5
هذي شعوبك،
يقتل بعضها بعضا،
وتغرق رغم لون الدم في مدن المرايا.
مذ خرجنا من أرض كنعان افترقنا،
تجادلنا، وتهنا في شعاب الأرض قتلى أوسبايا.
علمتنا ساعة الميلاد أن الدمع مهما كان معسولا،
سيحرق جبهة الأحرار تشربه الضحايا.
ودماء، مهما تغطى في رمال الحقد،
يبقى وهجها محمرا،
وتنتحر المنايا.