ألبكاء على أبواب غرناطة - وائل أبو عرفة

1
إذن هكذا
يعاتبني وجه أمي
ودمعة قلبي
ويحرقني في الهروب الغضب.
وأحبو على راحتي بعيدا،
تمزق صمتي بقايا القبور،
وتقذفني في ثنايا اللهب.
أنا عائد رغم جوعي وقهري
لأبحث عن زهرة العمر ليلا،
وأعشق رغم انتصارالطغاه،
عيون المرايا،
وأقفز فوق النوافذ،
أحفر في القلب بيتا ألوذ إليه،
إذا ما كواني التعب.
دعيني أعود إليك بشمس النهار،
لمجد أمية فوق السحاب،
وأمسح بالدم عار العرب.
2
أتمسح عارا وتطلب ملكا،
وأنت الذي أنهكتك الليالي ودور الطرب.
أتطلب مجدا،
وأنت الذي مزق المجد طوعا،
وأنهك قلبك لهو الحياة،
ودست بنعلك عزا ذهب.
جوادك يصهل قبل الغروب،
وأنت تودع شمس النهار،
تسلم مفتاح قصر تداعى عليه الرجال،
وتعجب قبل الرحيل،
وما من عجب.
3
لو أنني أحتاج ألفا من سني العمر أقذفها ورائي.
لو أن قلبي صخرة النسيان يصبغها ردائي.
لمضيت يا بوابة الأحزان مقهورا يدثرني هوائي.
لو أن لي شفة من الفيروز تحمل جثتي رملا
وتمنحني وفائي.
لأقلت كل قصائدي،
ووقفت في وجه الرياح بما تبقى من دمائي.
لكنني باق على سور المدينة،
أندب الشفق الممزق بانتحاري أو بقائي.
أنا أول الباقين تحت الشمس،
أخر الآتين من أيقونة الدم المخثر،
أدفن ما تبقى من بقاياي، ويقتلني جفائي.
4
أنا لن أموت ملطخا بالعار.
أنا أول الآتين من بين القبور،
وآخر من يموت على الشعار.
هذي يدي عنكم تصافح من يصافحها.
وترفع راية للمجد،
تغرس سيفها في الأرض،
لا تدنو من العار الذي تجنيه أيديكم.
" مراكبكم هنا احترقت "
بما فعلت مكائدكم،
فضاع المجد في ذل يؤاخيكم،
فكيف توقعون الصلح طعنا في كرامتكم،
وذلا في مآقيكم.
5
أنبيك يا أرض السلام.
ياغرناطة المجد في وطن الكلام.
أنا ما خذلتك أو رميتك تحت آثار الحطام.
لكن أقذار الحصار تجمعت حولي،
ورعيتي كفرت، وأخرسني اللجام.
أنا ساعة الصفر التي بدأت،
وفي أعماقها صدري.
أنا نصري.
سأحفر هاهنا قبري.
وكل قلادة في الارض أحرسها، ولا أجري.
وراء مهانة أخرى بأعماق الوغى تسري.
وسيفي ذاك أرفعه،
وفي أعماق أعماقي أصارع سورة الغضب.
وفوق مآذن الحمراء والتاريخ،
أصنع ثورة العرب.
6
إذن هكذا يقتلون الحمام.
وتجري الدماء بأحضانهم،
تحت سمع السماء وفوق الركام.
وتشرب شمس العروبة نخب السلام.
وعرناطة اليوم تبكي الرجوع،
وما من رجوع.
وتوقد فوق المقابر كل الشموع.
تضيء الليالي.
وتشعل في القلب حقدا يزغرد فوق الكلام.
وما من كلام.
أغرناطة اليوم جاءت لتسقط،
أم تستعيد الأماني.
أجاءت لتحمل مجدا تغير في حلكة الليل،
أم جعبة من كتاب الأغاني.
7
صغيرا بقيت
صغيرا رجعت
وخلفت بعدك كل الصغار،
يبيعون مجدك في كل خان،
وفي كل أرض،
تموت الكرامة تحت النعال.
وما من محال.
صغيرا رجعت وسلمت مفتاحها من سواك.
فتبت يداك، وتبت يداك.