أقول لكم - وائل أبو عرفة

أقول لكم
أنا يوسف، أتيت إليكم
فلا تقتلوني.
ولا تحجبوا الشمس عن باب بئري،
وكونوا معي إلى أخر القلب،
نقطع هذا الطريق الطويل.
نغني سويا.
وأبني لكم سقف حلمي البعيد،
نوافذ ترنو
إلى شاطىء المستحيل.
أقول لكم
سنرمي كثيرا من الدم،
حتى نشيد سفر البداية،
أو نعبر البحر خلف الضباب،
فلم يبق في الوقت متسع للرحيل.
تعالوا معي
ولا تتركوني وحيدا
أصارع سرب الجراد على حافة الموت
أرثي طيور الجليل.
هنا أول البحر
أخر درب الشقاء
أمام الممر الأخير نموت
إذا ما بلغنا دروب النخيل.
أقول لكم
أنا كنت منكم
وأنتم مكاني
ولم يبق في القلب غير الحنين
وغير ألاماني تودع شمس الأصيل
لماذا أكون هناك
وأنتم تعيدون رسم الخرائط
في الظل فوق الدماء
أما كان موعدنا هنا
في جنازة طفل يغادر درب الحياة
بخصر نحيل.
هنالك رمل وبحر
وفوق الرمال تصب السماء جحيما
وتصرخ بنت
تأن على شاطىء الدم
تنعى أباها القتيل
أقول لكم
بعد هذا الزمان يكون زمان
تسيل على جانبيه الدماء
إذا ما رجعنا إلى الخلف
نرفع صوت الضحايا
نعيد هديل الحمام
ونرسم في الأفق فجرا جديدا
يعيد إلينا زهور الجليل.
تعالوا لنرمي السلام على جرح طفل
يفر من الموت،
والموت يأتي من البحر والجو
يهدي لكل حمامة بيضاء رتلا من ركام
هنالك موت أقل
وسحر أجل
وأكياس رمل
ومقبرة تحت موج الصفيح
تنادي الشهيد وراء الشهيد
ولا تنتظر أحدا في الزحام.
يحق لنا أن نموت كما يموت الطيبون
بلا حراك أوجداال
وأن نمشي إلى اللاشيء، للمجهول،
نحرق قمحنا في الليل،
نغرق في تعاويذ الخيال.
يحق لنا ألا نعود إلى موطن القلب،
نسافر كيفما شئنا،
خلف مقصلة الغزاة،
وبين أقبية الظلال.
وأن نعبر البحر قسرا
نقذف الآمال من فرح الجنوب
إلى ترانيم الشمال
أقول لكم
وأنا اعد الليل ساعات
تموت على قناديل الظلام
وطفل جميل يموت على الرمل
يسمو يطير
يصفق لانتصارات السلام
أو يجمع الأشلاء في أرض
تضيق بكل ما فيها
لتخرج من غمام البحر
في وطن تمزق بين أندلس وشام
أقول لكم
أنا عائد رغم قهري وبؤسي
أردد صرخة عمري
أعانق في الأفق هذا النشيد
واصعد نحو السماء
أقاتل من اجل سوسنة
تغني نحو موج البحر موالا
وأغنيتي صديد
سأعيد رسم خريطتي عشبا
وارفع رايتي أملا
وابني في خريف العمر
عاصمة الخلود
أقول لكم
لا تقتلوني
واتركوني بين أحلامي ووعدي
واتركوني كي
أعود كما أشاء إلى ترانيمي وعهدي
أقول لكم
ما قال درويش قبل الرحيل الأخير إلى قرطبة
" كلوا من رغيفي
اشربوا من نبيذي
ولا تتركوني على شارع العمر وحدي "