نم يا حبيبي بعيدا - وائل أبو عرفة

بعيدا (إلى محمود درويش)
باريس
في معهد العالم العربي
قابلت محمود درويش
وقلت لنفسي
هل هذه القدس
أم حزمة من ضياء القمر
هل هذه حيفا
أم بقعة من سراب
هل عشقت الكرمل يوما
أم خرجت إلى أفق مليء،
باحتقان السماء وشكل الوطن.
في شارع مليء بالمقاهي
جلست لتكتب شعرا ،
وباريس تضحك ملء الفضاء،
وتبكيك حيفا.
(كم كنت حرا أيها المنسي في المقهى)
وما كنت يوما تغادر روح الفضاء،
لتسكن في القمة العالية.
قلت لي،
ببيروت كنا نحب الحياة،
إلى أن رمانا السفين
وراء المنافي بعيدا عن القبلة الباقية.
أكنت تحب الحياة
إذا ما استطعت إليها سبيلا
أم الليل جاء يعيد الحياة إلى شفة فانية
وحين تعود
إلى أين تأتي
لتعرف أن بقية عمرك،
كانت لديك بحيرة عشق،
تتوق إليك بعمق الرياح
وما قد يباح لذكرى الوطن.
وما أنت أنت
لتبقى بحيفا،
ولكن بعيدا بسجن ومنفى
قال،- ونحن على ضفة السين-
هناك بلادي
فكيف أكون هنا وهناي هناك
فلا بأس لي أن أغادر قلبي
وأرسو على ضفة هادئة.
فبعض المنافي مكان لروحي،
وروحي تعانق سر المدى،
واجتياز الحدود،
لعل اللقاء يعيد حياة الطفولة بين يدي،
(ويحملني جناح حمامة بيضاء صوب طفولة أخرى)
وأكتب شعرا على حافة البئر
عند الشجيرات،
أدنو بقلبي إلى كرم عمي جميل.
هناك أبي كان يسقي الحصان،
وظل الحصان وحيدا حزينا،
يحرس بوابة البيت،
والشمس تسقط قبل الغروب،
تعزي جبال الجليل.
لم أعدك بشيء من ظلال القدس
ولم تهدني وردة من أريحا
فنم يا حبيبي بعيدا عن الافق،
في ذروة المستحيل.