إيابك يا مولاي والله شاهد - أمين تقي الدين

إيابك يا مولاي والله شاهد
إياب به غاياتنا والمقاصد

قضى الله دهرا أن تغيب وإنما
قضاء علينا فعل ما الله قاصد

فبات قضاء المتن نشوان من أسى
تحار به الأحداث وهو يجاهد

فلو لم تكن والله علمته لدن
تسودت فيه الصبر وهو يجالد

لما عاش حتى عدت ثانية له
وقد عقدت حوليك فيه المعاقد

فأحببت آمالا وأنعشت أنفسا
وعززت أصحابا فذل المعاند

وضمدت جرح العدل بعد اندماله
ومثلك من فيه تشد السواعد

حننت إليه مثل ورقاء أيكة
كأنك يا مولاي للمتن والد

فيا حبذا يوما به عدت ظافرا
وقد رقصت في ملتقاك الجلامد

ويا حبذا يوما به عز صاحب
وذل عدو مثلما خاب حاسد

ويا حبذا يوما به نيلت المنى
فذا اليوم فيه قد رأى البدر راصد

سلمت به ركنا وخير معاذه
فما أحد والله فضلك جاحد

صبرنا على دهم الشدائد برهة
وتقتل بالصبر الجميل الشدائد

وبتنا دياجينا ولم نعرف الكرى
وهل يعرف النوم امرؤ وهو ساهد

كأن ليالينا إلى اليوم لم يكن
دجاها له صبح وربك شاهد

حللت فحلت في القلوب مسرة
بعيد جهاد فاز فيه المجاهد

كأرض سقتها بعد جدب سحائب
فأمرع منها روضها والفدافد

كغصن لقد عراه من ثوبه الشتا
فكاد يلاقي الموت وهو مجالد

فألبسه فصل الربيع من ألبها
ثيابا وقد زانته منك قلائد

كمربع آرام خلا من ظبائه
فعادت إليه ساكنوه الشوارد

كنبته ورد شوكت زمن الصبا
وفي زهرها أضحت تزان الولائد

عرفناك يا مولاي رب عزيمة
وتدرك بالعزم الشديد المقاصد

وحزم لدى الجلي ورأي مسدد
وصارم عدل فيه ذو الظلم بائد

عوائد نفس تعلم الذل سبة
ويا حبذا في المرء تلك العوائد

تول قضاء المتن وارغم أنوف من
هم لك يا مولاي فيه حواسد

وجرد حسام العدل واضرب بحده
من الجور جيشا لا يزال يعاند

وأطلع بأفق المتن بدر عدالة
فيهدي به مرء عن الحق حائد

وحارب ببيض الأمن واليمن والصفا
زعانقة البؤسي وعدلك قائد

وحقق أمانينا عهدناك سيدا
غيورا له تعنو السراة الأماجد

وقم وأر المتن المعنى عزائما
يلين لها قلب الردى والجلامد

ولا تتقاعد عن ذوي الشر في الورى
أيثني على ليث الشرى وهو قاعد

وحسبك مجد ناطح النجم رفعة
فدانت لدى علياه منه الفراقد

أهنيء فيك المتن يا من إيابه
إلى المتن فيه الصفو والأمن عائد

أهنيء أقواما كثيرا عديدها
لقد كان أصناها الزمان المعاند

أهنيء نفسي إذ أراني بعودكم
إلى المتن قد ثابت به لي الموارد

ويا بهجة الدنيا تهنأ ولا تزل
وأنت على هام المفاخر صاعد

وأرشد إلى نهج الهدى من يضل عن
طريق الهدى مولاي إنك راشد

ومتع رعايا المتن بالأمن والصفا
وربك فيما تبتغي لك عاضد