امنح فؤادي أجنحا فيطيرا - أمين تقي الدين

امنح فؤادي أجنحا فيطيرا
وترى اللسان لديه صار بشيرا

واطلق يراعي في ثنائك برهة
يتبعهما إذ لا يزال أسيرا

حتمت علي صفاتك الغراء أن
أقف الزمان لها اللسان شكورا

والعار أن يقف الفتى شيئا على
مرء ويطلب بعده تغييرا

لست الأمين إذا نذرت مدائحي
وأنا الأمين إذا وفيت نذورا

أيقال عني قد نكثت مواعدي
إن كنت أشكو في ثناك قصورا

لا لا ألام إذا قصرت وإنما
إن كنت أسكت لم أكن معذورا

من كان تغرقه السواقي كيف لا
يشكو العياء إذا أراد بحورا

وأنا فتى لي في القريض سجية
خالفت فيها البحتري وجريرا

لا أمدح الرجل الكريم لبغية
قطع اللسان إذا نطقت الزورا

مولاي بعض القوم يثني إنما
يبني مشارف في الثنا وقصورا

حتى يقال فلان تنطقه اللهي
والميل نسق في الطروس سطورا

ولكل نفس مأرب باميرها
تطري وتطوي للأمور أمورا

طبع الأنام على الهوى فتأملوا
غايات من قد أحسن التعبيرا

ولربما نشر الفتى غير الذي
يطوي وقال من القليل كثيرا

أما أنا فالصدق حلي قصائدي
ما قلت شيئا لم يكن مشهورا

أثني عليك ولا قرابة بيننا
كلا ولست علي أنت أميرا

لا أبتغي منك الحزاء أو الندى
أو أن أراك لي الحياة ظهيرا

لكنني أحكي الحقيقة والذي
أثني عليك به غدا منشورا

هذي بلاد الغرب فضلك منطق
بثناك فيها أهلها والدورا

يثني عليك بنو السياسة في الورى
إذا كنت في سر الأمور بصيرا

يثني عليك بنو المعارف والحجي
إذ كنت في كل العلوم خبيرا

يثني عليك المعدمون لأنهم
عرفوك غيثا بالعطاء غزيرا

يثني عليك من ابتلى في نكبة
إذ كنت في آن البلاء صبورا

يثني عليك ذوو المروءة والوفا
إذ كنت في نجح البلاد غيورا

يثني عليك ذوو الطهارة والتقى
إذ كنت برا لا تزال طهورا

يثني عليك ألو الغواية في الورى
إذ كنت بدرا للخطاة منيرا

يثني عليك جميع من عرفوك ما
بين الورى للمستجير مجيرا

إن يمدحوك فإن فضلك لم يزل
في الناس ينطق ألسنا وصخورا

أخشى علي إذا مدحت فإنما
تعيي صفاتك شاعرا مشهورا

إن كان في نيل الكثير صعوبة
فعلى الأقل أنال منه يسيرا

فإليكها غيداء عطرها الثنا
فغدت تباهي المسك والكافورا

جلبت عليك ومن عوائد أهلها
أن لا تميط عن الوجوه ستورا

عدمت نظيرا في الجمال وإنها
قد شابهتك فقد عدمت نظيرا

ولذاك قد خفت إليك لدن رأت
حمل النظير على النظير كثيرا

أهواك يا رجل التواضع لا أرى
قلبي لغيرك في الهوى مأسورا

في كل جارحة هواك ثوى لذا
أهتز إن ذكروك لي مسرورا

حدثت قلبي في سلوك ساعة
قال السلو قد اغتدي محظورا

إن لحت في أنسان عيني لمحة
أنسته طلعتك الظباء الحورا

فانزل عيوني تستنر بهداك إذ
من عادة الأبصار تحوي النورا