رقد السيف واستراح الأعادي - أمين تقي الدين

رقد السيف واستراح الأعادي
يا نصير الشعوب أدرك بلادي

عبثا تطلق العباد من الأسر
وتبقي في الأسر بعض العباد

إن شعبا تريده لحياة
غير شعب يحيا بالاستعباد

المبادى التي وضعت أساسا
لحياة الشعوب نعم المبادى

سعروها حربا ضروسا فشبت
تتلظى كالنار ذات اتقاد

في رؤوس الجبال يوما وتحت
الأرض طورا وتارة في الوهاد

وهي فوق المياه حينا وتحت
الماء آنا وفوق متن الغوادي

فإذا الجو قاتم وإذا البر
عبوس والبحر في إزباد

أمم ترتمي على أمم أخرى
وجند يمشي إلى أجناد

كمن الموت للنفوس فأيان
ترده تجده بالمرصاد

في فرند الحسام أو في فم المدفع
فوق الربى وبطن الوادي

تحت جنح الدجى وفي وضح الصبح
وحين الإبراق والإرعاد

قيل هذا يوم الشعوب فلما
شمل الأرض قيل يوم المعاد

زعموها حربا يصان بها الحق
وأخفوا حقيقة في الفؤاد

فإذا شئت فهي حرب دفاع
جرة خرق حرمة أو حياد

وإذا شئت فهي حرب بقاء
وإذا شئت فهي حرب اقتصاد

سمها ما تشاء ليست كما أعلم
إلا مطامع الأسياد

قوة تستبيح ضعفا وفرد
مسترق شعبا بالأستبداد

ثم قالوا حق الضعيف وقالوا
بعد هذا حرية الأفراد

هكذا تنثر الزهور على النعش
لتخفي ما تحته من فساد

إيه غليوم لا تموه على الناس
المعاني فأنت بالشر باد

عزة الملك لا تكون لجان
هو أولى بذلة الإبعاد

قد تدان النفوس ذات شعور
لا تدان النفس التي من جماد

آذني بالسلام أيتها الأرض
فقد طال عهدنا بالجلاد

آذني بالصباح يطلع علينا
قد شئمنا والله لون السواد

ولقينا من الدواهي الدواهي
وأصبنا من العوادي العوادي

مرض فاتك وجوع وعري
وتمادي تعسف واضطهاد

عبث الموت بالنفوس كما
يعبث بالزرع منجل الحصاد

كل هذي الشرور إن هي إلا
فتكات الأحقاد بالأحقاد

أيها العالم الجديد أمانا
قد تمادى القديم في الإفساد

خذ بحد الحسام من لا يبالي
حين يدعى بالنصح والإرشاد

ضع لهذي الحروب حدا ولو أيدته
للورى ببيض حداد

يدفع الشر بالشرور اضطرارا
رب صلح من الوغي مستفاد

سنة الناس في الحياة معاد
جشمته العداء شرة عاد

يا نصير الشعوب إن الأماني
سبل البائسين للإسعاد

نحن قوم وأنت أدرى بقوم
ناشط للحياة سهل المقاد

قد ركبنا البحار نسعى إلى المجد
أباة الخمول أهل اجتهاد

ونحتنا الجبال نحتا فصارت
منبت العشب واقتحمنا البوادي

وانتجعنا الأمصار مصرا فمصرا
نقنص القوت من فم الآساد

عمرك الله لا تضيق علينا
بعد هذا فالعيش عيش جهاد

ورد القوم كل صاف وأصبحنا
على الرغم منهل الوراد

أمن الناس في الحياة ضلالا
يوم قالوا أنت الرسول الهادي

واتقوا باسمك احتكام قوي
بضعيف وضلة برشاد

وخنوع المجموع للفرد قسرا
وبقاء الأطواق في الأجياد

كان شد الوثاق في عنق الناس
مفيدا فصار فك القياد

هذه الحرب لا تقصر على الناس
مداها إن لم تفز بالمراد

أتفك القيود عن أمم الغرب
وتبقي الشرقي في الأصفاد

أنا في ظلك المقدس أدعوك
وعهدي ناديك أكرم ناد

أمتي أمتي ونفسي نفسي
فحياتي لأمتي وبلادي

إن دعوت البيان لبى بياني
أو دعوت الوفا فهذا فؤادي