بنوك فديت يا أم البنينا - أمين تقي الدين

بنوك فديت يا أم البنينا
هم أهل الوفا لو تعلمينا

دعوتهم فلبينا كأنا
رجعنا للصبا لما دعينا

أحب من الكهولة وهي حق
خيال للطفولة زار حينا

وأشهى من ليالي الحب عيد
نظمت به بنيك المخلصينا

كساه الله نورا من سناه
وطوف حوله الروح الأمينا

قفي نسألك عن تلك المعاني
وعن عبث الزمان بنا سلينا

صباك وأنت في الخمسين غض
وشاب بنوك دون الأربعينا

أما والله ما هانوا ولكن
نزلنا للجهاد مغامرينا

نجاهد للحياة ونزدريها
وتجهدنا وما إن تزدرينا

وما الدنيا سوى حرب ضروس
وجدت سلاحها علما ودينا

بهذين استعد لها وحارب
تحارب في صفوف الغالبينا

إذا أعددت نفسك للمعالي
فأعدد في الصبا الخلق المتينا

أجل العلم تربيه المبادى
كذا علمتنا وكذا ربينا

سلي الدنيا أكان بنوك فيها
سوى المتنوفين النابغينا

وما فضلوا سواهم غير أنا
تعلمنا كذلك أن نكونا

ضمنت لنا السعادة يوم كنا
بظلك إخوة متضامنينا

إذا وطنية باهت بقوم
غدا لبنان أرفعهم جبينا

أشد الحب ما يدعى هياما فما يدعى إذا بلغ الجنونا
...

سلي أم اللغات فكل قطر
فتحناه لها الفتح المبينا

أقمنا مجدها أنى أقمنا
وكنا دونه الحصن الحصينا

متى ذكر البيان لنا جميلا
ذكرنا شيخه الفذ الرصينا

وقي الأقلام عثرتها فسرنا
على درب الفصاحة آمنينا

كأن المجد أثقل كاهليه
وناء وناء بحمله فمشى رزينا

فما السبعون تحنيه ولكن
هي العظمات ندعوها سنينا

قفي أم البنين وحدثينا
أحاديث الصبا لو تذكرينا

بنوك اليوم صورتنا قديما
فما اختلفت حياه الطالبينا

ونحن مثالهم لغد فقولي
لهم أن يقرأوا الأيام فينا

لعل غدا يلاقيهم بخير
فشر اليوم أقبح ما لقينا

نريد لقومنا وطنا عزيزا
ويأبى الجهل إلا أن يهونا

ألا ليت المكارم كن صما
فلم يسمعن في الشوف الأنينا

تطاعن أهله عبثا وعفوا
ولست أرى سوى الوطن العطينا

أشبانا نبشر بالتآخي
وشيبا نستثير الجاهلينا

أبيت اللعن لم تخذلك أنا
تخاذلنا أمام الأكثرينا

وعظنا القوم لو عقلوا ولكن
عصانا الداء مذ أمسى دفينا

ذرينا والخطوب فقد أتينا
لعيدك رغم ذاك مهنئينا

أبوك أجله التاريخ ذكرا
وأكبر فيه فضل الوالدينا

بنى الأخلاق في لبنان لما
بناك فكان خير المصلحينا

يمين الله إذ لولا القوافي
لقلنا القول لم نقسم يمينا

حياتك نعمة الدنيا علينا
إذا عيشي مع الدنيا مئينا