أي بشرى ترى وأية حالة - أمين تقي الدين

أي بشرى ترى وأية حالة
لفؤاد قد حققوا آماله

أي قلب وما ترنح بشرا
أي نفس وما انثنت مياله

ما لقوم لقد أصيبوا بجرح
لم يرجوا لولا الرجاء اندماله

فاغتدوا اليوم في أتم صفاء
بعد أن الخطب الملم أزاله

شاركتهم سحب السما بهناهم
فاغتدت فوق أرضهم هطاله

واكتسى لبنان برود كمال
من ثلوج غطت لدينا تلاله

فكأن الآشجار تهتف فيه
ربنا زد إذا تشاء كماله

وكأن الشمس المضيئة ولت
مذ رأت وجه سيدي وجماله

فتراها تحت الغيوم توارت
إذ رأت بدرنا وحوليه هاله

لو أراد الإله عنها بديلا
لم نقل يوما ذر قرن الغراله

فمحيا مولاي بالطهر يبدو
مشرقا مثل البدر حاز اكتماله

إن فيه نور الهدى وعليه
خط سطر معناه ينفي الجهاله

يا أبا الطهر يا أبا الفضل مولاي
بولسا من لا نلتقي أمثاله

جئت ربعا لولا وقارك فيه
كان فرط السرور حقا أماله

ورأيناك قد حللت بقطر
فرأينا أن السلام حلاله

لا جناح عليه إن مال تيها
فالهي آماله قد أناله

لا تلم فالتوفيق مال إليه
كل نفس مع الهوى مياله

واعذرنه إذا تمايل أنسا
فمن البشر والهنا لا محاله

أسمعته باريس عنك حديثا
عم منه سهوله وجباله

وأرته مصر شهادة صدق
عززت كل ما الورى عنك قاله

تلك أعماله تدل عليه
فانظروا بعد بعده أعماله

وسلوا أعواد المنابر في الشرق
وباريس تفقهوا أفضاله

عرفته فكان إذ ينتويها
تتبارى كعالمات مقاله

ولدى بعده تئن اشتياقا
كيتيم يبكي وبندب آله

يا إماما عرفته من بعيد
قبل مرآه إذ عرفت خصاله

كان من قبل يحسد السمع طرفي
وأرى الآن نولا نفس حاله

عشقته أذني وعيني ولكن
تلك أوصافه وهذي جمالة

حامل صدره صليبا ولكن
حامل طي قلبه أثقاله

لابس خاتما لقد خط فيه
إن ربي حسبي أجل جلاله

ايهذا الحبر الذي قد أراني
بولس فيه راسما تمثاله

جئت أثني عليك لكن مثلي
ذو قصور كن عاذرا أقواله

لاسنتني البشري وقد كنت عيا
فتصيرتها فصيح المقاله

فتقلد مولاي ذا المنصب السامي
وكن راعيا بعينيك حاله

وعلى الرب فالق كل اكتمال
لم يخب من ألقي عليه اتكاله