روى الرّواة قديماً عن سليمان - إبراهيم المنذر

روى الرّواة قديماً عن سليمان
حكايةً حار فيها كلّ إنسان

قالوا سليمان في دنياه كان له
من النسا مئة من دون نقصان

هذي تفوق جمال البدر طلعتها
وتلك في قدّها الممشوق كالبان

وهذه لحطها كالسّهم منطلقاً
وتلك قد أفلتت من كفّ رضوان

مثل أمامك ربّ القصر محتكماً
والقصر جنّة أقمار وغزلان

تبارك الله إنّ الغيد عمته الكبرى
على النّاس في سرّ وإعلان

وبينهنّ على ما قيل سيّدة
مصرية وجهها والبدر صنوان

على الرّفيقات ربّ القصر فضّلها
لما بها من سنا حسن وإحسان

كما تراها بذاك القصر مالكة
قلب المليك بظرف جدّ فتّان

كذاك في النّاس تلقى ذكرها عطراً
في غوث جوعان أو إلباس عريان

وكان في مصر فرعون العظيم
وقد طوى الفؤاد على حقدٍ وشنآن

رأى سليمان مشهوراً بحكمته
يعنو لسطوته القاصي مع الدّاني

راح يسعى بإلحاف ليلكه سرّاً
مخافة أن يمنى بخسران

هي الضغائن كم تقسو عواقبها
إذا نمت بين سلطان وسلطان

وكان والد هاتيك المليحة في
بلاطه مستشاراً عالي الشّان

أفضى إليه بذاك السّر محتفظاً
وقال سر وأجل آلامي وأحزاني

وجاء أورشليم المستشار على
شوق إلى ابنته كالعاشق العاني

وفي ظلال سليمان أقام على
رغدٍ المعيشة حيناً غير خشيان

وراح يغري بحسن المنطق ابنته
حتّى تكون لديه خير معوان

فأذعنت لأبيها وهي مكرهة
وعاهدته على جرمٍ وكتمان

لكنها أضمرت في نفسها عملاً
يحيي المليك ويحيي عمرها الثّاني

وذات يومٍ صفت فيه الكؤوس على
جداول القصر في راحٍ وريحان

تناول الملك كأس السمِ يحسبها
خمراً ولم يكُ يدري خدعة الجاني

لكن زوجته كاللبوةِ اختطفتها
منه وارتشفتها رشف ظمآن