( مسعود ) - إيليا أبو ماضي

- - -

شربناها على سرّ القوافي
و سرّ الشاعر السمح الأبرّ

سقانا قهوتين " بغير من "
عصير شجيرة و عصير فكر

فنحن اثنان سكران لحين
على أمن ، و سكران لدهر

فمن أمسى يهيم ببنت قصر
فإنّا هائمون ببنت قفر

إذا حضرت فذلك يوم سعد
و إن غابت فذلك يوم قهر

لها من ذاتها ستر رقيق
كما صبغ الحياء جبين بكر

إذا دارت على الجلّاس هشّوا
كأنّ كؤوسها أخبار نصر

و نرشفها فنرشف ريق خود
و ننشقها فننشق ريح عطر

و لا نخشى من الحكام حدا
و عند الله لم نوصم بوزر

فما في شربها إثم و نكر
و شرب الخمر نكر أيّ نكر

و ليست تستخفّ أخا و قار
و بنت الدنّ بالأحلام تزري

و تحفظ سرّ صاحبها مصونا
و بنت الكرم تفضح كلّ سرّ

و للصهباء أوقات ، و هذي
شراب الناس في حرّ وقرّ

و تصلح أن يطاف بها مساء
و تحسن أن تكون شراب ظهر

فلو عرفت مزاياها الغواني
لعلّق حبّها في كلّ نحر

كأنّ حبوبها خضرا و صفرا
فصوص زمرد و شذور تبر

كأنّ الجنّ قد نفثت رؤاها
على أوراقها في ضوء فجر

ألست ترى إليها كيف تطغى
و كيف تثور إن مسّت بجمر

كأنّ نخيل مصر قد حساها
و إلاّ ما اهتزاز نخيل مصر ؟

جلوت بها من الأكدار ذهني
كما أنّي غسلت هموم صدري

و ما هي قهوة تطهى و تحسى
و لكن نفحة من روح حرّ

حوى في شعره عبث ابن هاني
وزاد عليه فلسفة المعرّي

فيا لك شاعرا لبقا لعوبا
كأنّ يراعه أنبوب سحر

يفيض سلاسة في كلّ لفظ
و يجري رقة في كلّ سطر

حوت دار " السمير " هديّتيه
و تحوي هذه الأوراق شكري