1914 - إيليا أبو ماضي

طوي العام كما يطوي الرقيم
و هوى في لجّة الماضي البعيد

*

لم يكن ... بل كان لكن ذهبا
وانقضى حتّى كأن لم يكن

لو درى حين أتى المنقلبا
لتمنّى أنّه لم يبن

أيّ نجم شارق ما غربا
أي قلب خافق لم يسكن

جاهل من حسب الآتي يدوم
أحمق من حسب الماضي يعود

*

ما لنا يأخذ منّا الطرب
كلّما عام تلاشى واضمحل

أفرحنا أنّنا نقترب
من غد ؟ إنّ غدا فيه الأجل

عجب هذا و منه أعجب
إنّنا نفنى و لا يفنى الأمل

فكأنّا ما سمعنا بالحتوم
أو كأنّا قد نعمنا بالوجود

*

يا رعاه الله من عام خلا
فلقد كان سلاما و أمان

صافح الجحفل فيه الجحفلا
واستراح السيف فيه و السنان

ما انجلى حتى رأى النقع انجلى
و خبت نار الوغى في " البلقان "

لست أنسى نهضة الشعب النؤوم
إنّ فيها عبرة للمستفيد

*

و التقى البحران فيه بعدما
مرّت الأجيال لا يلتقيان

أصبح السّدّ الذي بينهما
ترعة يزخر فيها الأزرقان

فلتندم " آميركا ) ما التطما
ما لهذا الفتح في التاريخ ثان

و لتعيش رايتها ذات النجوم
أجمل الرايات أولى بالخلود !

*

واعتلى الناس به متن الهواء
فهم حول الدراري يمرحون

يمخر المنضاد فيهم في الفضاء
مثلما يمخر في البحر السفين

معجزات ما أتاها الأنبياء
لا ولم يطمح إليها الأقدمون

سخّر العلم لهم حتّى الغيوم
فهم ، مثلهم ، فوق الصعيد

*

حلّق الغربيّ فوق السموات
و لبثنا نندب الرسم المحيل

فاذا ما قال أهل المكرمات
ما وجدنا ، و أبيكم ، ما نقول

لو فقهنا مثلهم معنى الحياة
ما أضعناها بكاء في الطلول

ألفت أنفسنا الضيم المقيم
مثلما يستعذب الظبي الهبيد ! .

*

أدركت غايتها كلّ الشعوب
نهض الصيني و ما زلنا نيام

عبثت فينا الرزايا و الخطوب
مثلما يعبث بالحرّ اللّئام

صودر الكاتب منّا و الخطيب
منعت ألسننا حتّى الكلام

نحن في الغفلة أصحاب الرقيم
نحن في الذّلّة إخوان اليهود

*

ليت أنّا حين مات الشّمم
لحقت أرواحنا بالغابرين

ما تمرّدنا على من ظلموا
لا ولم نفكك وثاقا عن سجين

ليس يمحو عارنا إلاّ الدّم
فالى كم نذرف الدمع السخين ؟

قام فينا ألف جبّار غشوم
غير أنّا لم يمت منّا شهيد

*

يا لقومي بلغ السيل الزبى
واستطال البغي و استشرى الفساد

فاجعلوا أقلامكم بيض الظبى
و استعيروا من دم الباغي المداد

كتب السيف ...اقرأوا ما كتبا
لا ينال المجد إلاّ بالجهاد

أي رجال الشرق أبناء القروم
لا تناموا .آفة الماء الركود!!!