أيّها القلم - إيليا أبو ماضي

ماذا جنيت عليهم ، أّها القلم
و الله ما فيك إلاّ النّصح و الحكم

إنّي ليحزنني أن يسجنوك وهم
لولاك في الأرض لم تثبت لهم قدم

خلقت حرّرا كموج البحر مندفعا
فما القيود و ما الأصفاد و اللّجم ؟

إن يحسبوا الطائر المحكّى في القفص
فليس يحبس منه الصوت و النّغم

الله في أمّة جار الزمان بها
يفنى الزمان و لا يفنى لها ألم

كأنّما خصّها بالذّلّ بارئها
أو أقسم الدهر لا يعلو لها علم

مهضومة الحقّ لا ذنب جنته سوى
أنّ الحقوق لديها ليس تنهضم

مرّت عليها سنون كلّها نقم
ما كان أسعدها لو أنّها نعم ؟

عدّوا شكايتها ظلما و ما ظلمت
و إنّما ظلموها بالذي زعموا

ما ضرّهم أنّها باتت تسائلهم
أين المواثيق ، أين العهد و القسم ؟

أما كفى أنّ في آذانهم صمما
حتّى أرادوا بأن ينتابها الصّمم ؟

كأنّما سئموا أن لا يزال بها
روح على الدّه لم يظفر بها السّأم

فقيّدوها لعلّ القيد يكتها
و عزّ أن يسكت المظلوم لو علموا

و أرهقوا الصّحف و الأقلام في زمن
يكاد يعبد فيه الطرس و القلم

أن يمنعوا الصحف فينا بثّ لوعتنا
فكلّنا صحف في مصر ترتسم

إنّا لقوم لنا مجد سنذكره
ما دام فينا لسان ناطق و فم

كيف السبيل إلى سلوان رفعتنا
و هي التي تتمنّى بعضها الأمم ؟

يأبى لنا العزّ أن نرضى المذلّة في
عصر رأينا به العبدان تحترم

للموت أجمل من عيش على مضض
إنّ الحياة بلا حريّة عدم