أَسفر بِنورك لا تَشفق عَلى المُقلِ - خليل الخوري

أَسفر بِنورك لا تَشفق عَلى المُقلِ
فَأَنتَ في الكَونِ طراً بَهجَة الملَلِ

أَنتَ الهمام الَّذي أَحيى الأَنامَ بِما
أَبانَهُ مِن رُموزِ العلمِ وَالعَمَلِ

قَرَّت بِفَضلِكَ أَقطار البِلاد فَما
في ذاكَ بَينَ عِباد اللَهِ مِن جَدَلأِ

حَتّى غَدَوتَ بِأُفقِ المَجدِ بَدرَ هُدىً
بِلا نَظير عَلَيهِ أَشرَفَ الحُلَلِ

فَكَم اِبنتَ إِمام المُلكِ مِن هِمَمٍ
عَلياء مثلَكَ قَد جلت عَن المثلِ

وَكَم دَفَعتَ خَطوباً كُنتَ تَصدمها
بالحلم وَالعَقل لا بِالبيض وَالأَسَلِ

وَكَم مَنَحتَ وَكَم أَبدَيتَ مِن مِنَنٍ
وَكَم نَجَحتَ وَكَم أَصلَحتَ مِن خَلَلِ

أَشغَلتَ ذاتَكَ بِالدُنيا فَحَقَّ لَها
أَن تَستميلَكَ في مَلهىً عَن الشُغلِ

مِن العَدالَةِ أَن تُعطي لِنَفسِكَ ما
أَعطَيتُهُ مِن رَفاهِ الحالِ لِلمَلَلِ

لَكَ العُلى وَالمَدى وَالكَون أَجمَعَهُ
وَالعَصرُ فَاِستَقبَل الدُنيا عَلى مَهَلِ

وَإِذكُر عُبيدَك وَأَشملهُ بِعاطِفَةٍ
إِن التفاتكَ لا يُبقي عَلى وَجَلِ

أَلَستَ أَنتَ فُؤاد الكَونِ أَوحَدَهُ
مُحيي القُلوب مُزيل الداء وَالعِلَلِ

لِلّهِ دَرُّكَ في العَلياءِمِن رَجُلٍ
عالي العَزيمَة لا يَلوي عَلى رجلِ

يَراعك الشارِدُ النَهلان نَنظرُهُ
سَهماً مِن الحَقِّ في كَفٍّ مِن الأَمَلِ

يَقولُ لِلسَيفِ إِن جاراهُ عَن حَسَدٍ
أَقصر عَناكَ فَلَيسَ الجَدُ كَالهَزَلِ

وَفي يَمينكَ سَيفٌ ذو الفَقارِ لَهُ
جِدٌّ وَأَنتَ إِمامٌ لِلكِرامِ عَلى

إِذا تَجَرَد لا يَبقى عَلى بَطَلٍ
كَأَنَّ في صَفحتيهِ مكمن الأَجَلِ

لَكَ اِبتِسامٌ بِهِ تَشفي الجِراحُ وَمَن
بِهاهُ راحَ صَباحُ الكَون في خَجَلِ

وَرقةٌ قُلتُ روح الراح عُنصرَها
أَضحى بِها الخَلقُ مِثلَ الشارِبِ الثَمِلِ

لَكَ الثَنا إِن أَهل الأَرض قَد نَشَرَت
أَعلام مَدحِكَ فَوقَ السَهل وَالجَبَلِ

وَأَنمل المَجد في العَلياءِ قَد رَسَمَت
بِنورِها إِسمَكَ مَحفوظاً إِلى الأَزَلِ