أَضياءُ وَجهِكِ في الدجنَةِ أَسفَرا - خليل الخوري

أَضياءُ وَجهِكِ في الدجنَةِ أَسفَرا
أَم ذاكَ طَيفُكَ زارَ يَختَلِسُ السَرى

أَبيقظَةٍ أَلقاكِ ما بَينَ المَها
أَم ذاكَ حِلمٌ هَبَّ في طَي الكَرى

لا لا أَراكِ أَراكِ أَنتِ حَقيقَةً
وَأَنا أَنا الصُبُّ المُعَذَبُ في الوَرى

هَذا جَمالُكِ بازِغٌ بِجَلالِهِ
هَذا زَفيري بِالفُؤادِ تَسَعرا

هَذا دَمي قَد هاجَ يَغلو في الحَشى
وَجداً وَذا دَمعي السَخينُ تَحَدَّرا

هَذي عُيونَكِ غازَلت لَحظاتِها
عَيني تُجاوبها عَلى سرٍّ سَرى

هَذي أَكُفُكِ لا سَبيلَ لِلَمسِها
كَيفَ اِحتِيالي وَالرَقيب تَجَبَّرا

أَاشكُّ وَهما في وَجودكِ حَيثَما
شَخصت لِمطلعكِ العُيون تَحَيّرا

أَنا ذَلِكَ الأَعمى الَّذي قَد أَبصرت
عَيناي هَذا اليَوم بَدري مُسفِرا

أَنا ذَلِكَ العَبد القَديمُ عَلى الوَفا
أَبَداً أَقيمُ الدَهرَ لَن أَتَغَيَّرا

كَيفَ الحؤول عَن الغَرام عَن الهَوى
وَأَنا الَّذي أُرضِعتُ حُبَّكِ أَصغَرا

أَنا لا أَزالُ أَحِبُّ لَجتهُ الَّتي
قَد طالَما فيها غَرقتُ تَهوّرا

أَنا لَستُ أَبعد في هَيامي عَن لَظا
قَد طالَما حَرقَ الفؤاد مَسعرا

أَني لِذاتكِ يا مَليكة مُهجَتي
وَقفٌ صَحيحٌ لا يُباع وَيَشتَرى

لا غَير ذكر السالِفات بِروق لي
وَمُصيبة المَحزونِ أَن يَتذكَرا

سَعدي مَضى حَظي أَساءَ بِهِ القَضا
عمري اِنقَضى عَزمي وَهِيَ وَتَكَسَّرا

يا زَهرَةَ النادي الَّتي لِبَهائِها
خَجلت زُهور الرَوض تَطرُقُ لِلثَرى

ما الوَرد في الإِصباح كَللهُ النَدى
تِلقاءَ خَدكِ إِذ تَوَقَدَ أَحمَرا

ما النَرجس الدَنف المَغض لَحاظهُ
إِلا إِشارَة طَرفِكِ السابي الوَرى

رِفقاً بِزَهر الياسَمين فَإِنَّهُ
بَعد البَياضِ بَدا بِكَفِكِ أَصفَرا

لا حاجَةً لَكِ في شَذا نَفَحاتِهِ
وَشَذاكِ في الأَكوان يَنفح عَنبَرا

يا مَنيَتي هَل تَسمَحين بِزورةٍ
يَحيي بِها الدَنف العَليل مَظفرا

هَل اِستَطيع أَرى قِوامَكِ مايساً
كَالغُصنِ في رَوض المِلاحة مزهرا

هَل أَسمَعنَ كَلامَ فيكِ يَقول لي
هَل أَنتَ بَعدَ بعادنا حَيٌّ يَرى

هَل أَقدَرنَّ أَمسُّ معصَمَك الَّذي
أَلقاهُ مِن صُحفِ اللجين تَصَورا

عَهدي بِقَلبكِ أَن يَرقَّ لِحالَتي
العلهُ بَعدَ البُعاد تَغَيّرا

مني بِسؤلي يا حيوتي وَاِسمَحي
بِشِفاءِ قَلبي قَد كَفاني ما جَرى

وَثِقي بِعَهدي إِن خلك صادِقٌ
وَدَعي أَحاديث الكَلام المُفتَري

وَتَمَلَكي أَمري وَنادي في المَلا
هَذا خَليلي في حِماي تَقَرَرا

وَدَعي نِساءَ الأَرض أَجمَع مُهجَتي
يَضربنَ وَجهَ الماءِ حَتّى يَخدرا