أَتراكَ لُطفاً لِلقاء مَعيداً - خليل الخوري

أَتراكَ لُطفاً لِلقاء مَعيداً
أَم أَنتَ عَنا لا تَزالُ بَعيدا

تَأَتي مَرابِعَنا كَأَنَكَ لَمحَةٌ
لِلبَرقِ يَختَرِقُ الأَثير شَريدا

أَخَذت بُروقُ الأُفُقِ عَنكَ شُعاعَها
فَأَخَذَت مَسراها وَكُنتَ مَزيدا

وَلَو اِقتدت بِكَمالِ ذاتك وَالوَفا
لَم تَخلف المِيعاد وَالمَوعودا

نَلقاكَ لَكن كَالمُسافر مَرَّ في رُبع
فَحَيّى وَهُوَ يَطوي البيدا

فَإِذا هَمَمنا لِلسَلام بِلَفظَةٍ قال
الوَداع لَنا أُريدُ قَصيدا

هَذا الوَداعُ سَقاهُ رَبي ما سَقا قَلبي
بِبُعدِكَ قَد طَرَحتُ غَميدا

قِف ساعَةً نَشفي القُلوب وَجتَني
أَثمار لُطفِكَ تُنعش المَنكودا

رِفقاً بِأَفئِدَةِ الأَحِبَّةِ أَنَّها
فَقَدَت بِحُبِكَ شَطرَها المَفؤُدا

فَإِجمَع شَوارِدَها عَلى نَبع الهَنا
لازالَ شَخصَكَ بِالجَميلِ فَريدا

رَقَصَت لَيالينا لَدَيكَ مَسَرَّةً
فَكَأَنَّها سكري تَجُرُ بُنودا

ظَفَرتِ بِبَهجِتها وَنكدها النَوى
فَرَأَيتُها جَفلى تَخافُ مَكيدا

حَيّيتَ يا شامي أَنكَ رِقَةً في
لُطفِكَ الشاميُّ قُمتَ وَحيدا

قَرَّت لَكَ الصَحبُ الكِرام بِمنَةٍ تَثني
وَقَد قامَ الزَمانُ شَهيدا

لا نَنَسى ما لَدَيكَ فينا مِن يَدٍ أَبَداً
تَطوق بِالجَميل الجيدا

فاحَت بِكَ الفَيحاءَ تَهدي لِلمَلا
أَرَجاً يُشابِهُ فِعلَكَ المَحمودا

لازالَ مَن عاداكَ يشقي خاسِراً
وَخَليل ذاتِكَ فائِزاً مَسعودا